التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُواْ صَٰغِرِينَ} (119)

قد عطف عليه جملة { فغُلبوا } بالفاء لحصول المغلوبية إثر تلقف العصا لإفكهم .

و { هنالك } اسم إشارة المكان أي غلبوا في ذلك المكان فأفاد بداهة مغلوبيتهم وظهورها لكل حاضر .

والانقلاب : مطاوع قَلَبَ والقلب تغيير الحال وتبدله ، والأكثر أن يكون تغييراً من الحال المعتادة إلى حال غريبة .

ويطلق الانقلاب شائعاً على الرجوع إلى المكان الذي يخرج منه ولأن الراجع قد عكس حال خروجه .

وانقلب من الأفعال التي تجيء بمعنى ( صار ) وهو المراد هنا أي : صاروا صاغرين . واختيار لفظ { انقلبوا } دون ( رَجعُوا ) أو ( صاروا ) لمناسبته للفظ غُلبوا في الصيغة ، ولما يشعر به أصل اشتقاقه من الرجوع إلى حال أدون ، فكان لفظ ( انقلبوا ) أدخل في الفصاحة .

والصّغَار : المذلة ، وتلك المذلة هي مذلة ظهور عجزهم ، ومذلة خيبة رجائهم ما أملوه من الأجر والقرب عند فرعون .