اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُواْ صَٰغِرِينَ} (119)

قوله : " فَغَلِبُوا هُنالِكَ " يجوزُ أن يكون مكاناً ، أي : غُلِبُوا في المكانِ الذي وقع فيه سحرهم ، وهذا هو الظَّاهِرُ .

وقيل : يجوزُ أن يكون زماناً ، وهذا ليس أصْلُهُ ، وقد أثبت لَهُ بعضهم هذا المعنى بقوله تعالى : { هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون } [ الأحزاب : 11 ] .

ويقول الآخر : [ الكامل ]

. . . *** فَهُنَاكَ يَعْترفُونَ أيْنَ المَفْزَعُ ؟{[16699]}

ولا حُجَّةَ فيهما ، لأنَّ المكانَ فيهما واضحٌ .

قوله : " وانقلبُوا صاغرينَ " أي : ذليلين مقهورين . وصاغرين حالٌ من فاعل انقلبُوا والضميرُ في انقلبُوا يجوزُ أن يعودَ على قوم فرعون وعلى السَّحرةِ ، إذا جعلنا الانقلابِ قبل إيمان السحرةِ ، أو جعلنا انقلبُوا بمعنى : صاروا ، كما فسَّره الزمخشريُّ ، أي : صاروا أذلاَّءَ مبهوتين مُتَحَيِّرين .

ويجوز أن يعودَ عليهم دُونَ السَّحرةِ إذا كان ذلك بعد إيمانهم ، ولم يجعلْ انْقلبُوا بمعنى : صاروا : لأنَّ الله لا يَصِفُهُم بالصَّغَارِ بعد إيمانهم .


[16699]:تقدم.