المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ} (3)

وقوله : { سيصلى ناراً ذات لهب } حتم عليه بالنار ، وإعلام بأنه يوافي على كفره . وانتزع أهل الأصول من هذه الآية تكليف ما لا يطاق ، وأنه موجود في قصة أبي لهب ، وذلك أنه مخاطب مكلف أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ومكلف أن يؤمن بهذه السورة وصحتها ، فكأنه قد كلف أن يؤمن ، وأن يؤمن أنه لا يؤمن . قال الأصوليون : ومتى ورد تكليف ما لا يطاق فهي أمارة من الله تعالى أنه قد حتم عذاب ذلك المكلف كقصة { أبي لهب } . وقرأ الجمهور » { سيَصلى } بفتح الياء ، وقرأ ابن كثير والحسن وابن مسعود بضمها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ} (3)

بيان لجملة : { ما أغنى عنه ماله وما كسب } أي لا يغني عنه شيء من عذاب جهنم . ونزل هذا القرآن في حياة أبي لهب . وقد مات بعد ذلك كافراً ، فكانت هذه الآية إعلاماً بأنه لا يُسلم وكانت من دلائل النبوءة .

والسين للتحقيق مثل قوله تعالى : { قال سوف أستغفر لكم ربي } [ يوسف : 98 ] .

و« يصلى ناراً » يُشوَى بها ويحس بإحراقها . وأصل الفعل : صلاهُ بالنار ، إذا شواه ، ثم جاء منه صَلي كأفعال الإِحساس مثل فرِح ومرِض . ونُصب { ناراً } على نزع الخافض .

ووصف النار ب { ذات لهب } لزيادة تقرير المناسبة بين اسمه وبين كفره إذ هو أبو لهب والنار ذات لهب .

وهو ما تقدم الإِيماء إليه بذكر كنيته كما قدمناه آنفاً ، وفي وصف النار بذلك زيادة كشف لحقيقة النار وهو مِثل التأكيد .

وبين لَفضي { لهب } الأول و { لهب } الثاني الجناس التام .