إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ} (3)

{ سيصلى } بفتحِ الياءِ ، وقُرِئَ بضمِّها وفتحِ اللامِ بالتخفيفِ والتشديدِ ، والسينُ لتأكيدِ الوعيدِ وتشديدِه ، أيْ سيدخلُ لا محالةَ بعدَ هذا العذابِ العاجلِ في الآخرةِ .

{ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ } أيْ ناراً عظيمةً ذاتَ اشتعالٍ وتوقدٍ ، وهيَ نارُ جهنمَ ، وليسَ هذا نصاً في أنَّه لا يؤمنُ أبداً حَتَّى يلزمَ تكليفُه الإيمانَ بالقرآنِ مكلفاً بأنُ يؤمنَ بأنَّهُ لاَ يؤمنُ أبداً ، فيكونَ مأموراً بالجمعِ بينَ النقيضينِ كما هُوَ المشهورُ ، فإنَّ صلي النارِ غيرُ مختصَ بالكفارِ ، فيجوزُ أنْ يفهمَ أبو لهبٍ من هذا أنَّ دخولَهُ النارَ لفسقِه ومعاصيهِ ، لا لكفرِهِ ، فلا اضطرارَ إلى الجوابِ المشهورِ من أنَّ ما كلفَهُ هُوَ الإيمانُ بجميعِ ما جاءَ بهِ النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ إجمالاً ، لا الإيمانُ بتفاصيلِ ما نطقَ بهِ القرآنُ ، حتَّى يلزمَ أنْ يكلفَ الإيمانَ بعدمِ إيمانِه المستمرِ .