المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (38)

ثم فسر استعجالهم بقولهم { متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } وكأن استفهامهم على جهة الهزء والتكذيب ، وقوله { إن كنتم صادقين } يريدون محمداً صلى الله عليه وسلم ومن آمن به لأن المؤمنين كانوا يتوعدونهم على لسان الشرع وموضع { متى } رفع عند البصريين وقال بعض الكوفيين موضعه نصب على الظرف والعامل فعل مقدر تقديره يكون أو يجيء والأول أصوب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (38)

نشأ عن ذكر استبطاء المسلمين وعد الله بنصرهم على الكافرين ذِكر نظيره في جانب المشركين أنهم تساءلوا عن وقت هذا الوعد تهكماً ، فنشأ به القولان واختلف الحالان فيكون قوله تعالى : { ويقولون متى هذا الوعد } عطفاً على جملة { سأريكم آياتي } [ الأنبياء : 37 ] . وهذا معبّر عن مقالة أخرى من مقالاتهم التي يتلقون بها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم استهزاء وعناداً .

وذكر مقالتهم هذه هنا مناسب لاستبطاء المسلمين النصرْ . وبهذا الاعتبار تكون متصلة بجملة { وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزؤاً } [ الأنبياء : 36 ] فيجوز أن تكون معطوفة عليها .

وخاطبوا بضمير الجماعة النبيءَ صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، ولأجل هذه المقالة كان المسلمون يستعجلون وعيد المشركين .

واستفهامُهم استعملوه في التهكم مجازاً مرسلاً بقرينة إن كنتم صادقين لأن المشركين كانوا موقنين بعدم حصول الوعد .

والمراد بالوعد ما تَوعدهم به القرآن من نصرِ رسوله واستئصال معانديه . وإلى هذه الآية ونظيرها ينظرُ قولُ النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر حين وقف على القليب الذي دفنت فيه جثث المشركين وناداهم بأسمائهم { قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً } [ الأعراف : 44 ] أي ما وعدنا ربنا من النصر وما وعدكم من الهلاك وعذاب النار .