معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (38)

وقوله : { وَيَقُولُونَ مَتَى هذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ38 } ( مَتَى ) في موضع نصب ، لأنكَ لو أظهرت جوابها رأيته منصوباً فقلت : الوعدُ يومَ كذا وكذا ( ولو ) جعلت ( متى ) في موضع رفع كما تقول : متى الميعَاد ؟ فيقول : يومُ الخميس ويَوْمَ الخميس . وقال الله { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ } فلو نصبت كان صَوَاباً . فإذا جَعَلت الميعَاد في نكرة من الأيّام والليالي والشهور والسنينَ رفعت فلقت : معادكَ يَوْمٌ أو يومان ، وليلة وليلتان كما قال الله { غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَوَاحُها شَهْرٌ } والعرب تقول : إنما البَرْد شهران وإنما الصيف شهران . ولو جاء نصباً كان صَوَاباً . وإنّما اختارُوا الرفع لأنكَ أبهمت الشهرين فصارا جميعاً كأنهما وقت للصّيف . وإنما اختارُوا النصب في المعرفة لأنها حينٌ معلومٌ مسند إلى الذي بعدهُ ، فحسُنت الصّفة ، كما أنك تقول : عبد الله دونٌ من الرجال ، وعبد الله دونكَ فتنصب ، ومثله اجتمع الجيشان فالمسلمون جانِبٌ والكفّار جانب . فإذا أضفت نصبت فقلت : المسلمونَ جانبَ صَاحبهم ، والكفّار جانب صاحبهم فإذا لم تضف الجانب صَيرتهم هم كالجَانب لا أنهم فيه فقس على ذا