معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

{ فأكثروا فيها الفساد . فصب عليهم ربك سوط عذاب } قال قتادة : يعني لوناً من العذاب صبه عليهم ، قال أهل المعاني : هذا على الاستعارة ، لأن السوط عندهم غاية العذاب ، فجرى ذلك لكل نوع من العذاب . وقال الزجاج : جعل سوطه الذي ضربهم به العذاب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

{ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } أي : أنزل عليهم رجزا من السماء ، وأحل بهم عقوبة لا يردها عن القوم المجرمين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

والصب يستعمل في السوط لأنه يقتضي سرعة في النزول ، ومنه قول الشاعر في المحدودين في الإفك :

فصبت عليهم محصدات كأنها *** شآبيب ليست من سحاب ولا قطر{[11795]}

ومن ذلك قول المتأخر في صفة الخيل :

صببنا عليها ظالمين سياطنا *** فطارت بها أيد سراع وأرجل{[11796]}

وإنما خص ( السوط ) بأن يستعار للعذاب لأنه يقتضي من التكرار والترداد ما لا يقتضيه السيف ولا غيره وقال بعض اللغويين ( السوط ) هنا مصدر من ساط يسوط إذا اختلط فكأنه تعالى قال خلط عذاب{[11797]} .


[11795]:حديث الإفك معروف، والذين حدوا فيه هم حسان، وحمنة، ومسطح، وهم الذين افتروا على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد روى ابن إسحق في السيرة أربعة أبيات من الشعر قيلت فيهم، ولم ينسبها لشاعر معين، بل قال: "وقال قائل من المسلمين" وهذه الأبيات على قافية الحاء، والبيت المذكور هنا هو آخرها، لكن روايته تختلف عما هنا، فهو: وصبت عليهم محصدات كأنها شآبيب قطر من ذرى المزن تسفح والمحصدات هي السياط المحكمة الفتل، الشديدة الصلابة. والشآبيب: جمع شؤبوب وهو الدفعة من المطر، والذرى: الأعالي، والمزن: السحاب، وتسفح: تسيل وتنزل بكثرة – أما المعنى بحسب المذكور هنا فهو أن هؤلاء المفترين قد صبت عليهم السياط الشديدة كأنها المطر الغزير، ولكنه مطر من نوع خاص، فهو لم ينزل من السحاب ولا من الماء، بل من سياط محكمة الفتل.
[11796]:يقول الشاعر: إننا صببنا على هذه الخيل سياطنا، وكنا لها ظالمين ، فأسرعت تجري كأنها تطير.
[11797]:لأن من معاني "السوط" في اللغة: الخلط، يقال: ساطة: أي خلطه فكأنه قال: خلط عذاب.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

والصب حقيقته : إفراغ ما في الظرف ، وهو هنا مستعار لحلول العذاب دَفعة وإحاطته بهم كما يصب الماء على المغتَسِل أو يصب المطر على الأرض ، فوجه الشبه مركب من السرعة والكثرة ونظيره استعارةُ الإِفراغ في قوله تعالى : { ربنا أفرغ علينا صبراً } [ البقرة : 250 ] ونظير الصب قولهم : شن عليهم الغارةَ .

وكان العذاب الذي أصاب هؤلاء عذاباً مفاجئاً قاضياً .

فأما عاد فرأوا عارض الريح فحسبوه عارض مطر فما لبثوا حتى أطارتهم الريح كل مطير .

وأما ثمود فقد أخذتهم الصيحة .

وأما فرعون فحسبوا البحر منحسراً فما راعهم إلا وقد أحاط بهم .

والسوط : آلة ضرب تتخذ من جلود مضفورة تضرب بها الخيل للتأديب ولتحمِلَها على المزيد في الجري .

وعن الفراء أن كلمة { سوط عذاب } يقولها العرب لكل عذاب يدخل فيه السوط ( أي يقع بالسوط ) ، يُريد أن حقيقتها كذلك ولا يريد أنها في هذه الآية كذلك .

وإضافة { سوط } إلى { عذاب } من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي صب عليهم عذاباً سوطاً ، أي كالسوط في سرعة الإِصابة فهو تشبيه بليغ .