فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ} (13)

{ فصب } أي أفرغ { عليهم ربك } وألقى على تلك الطوائف { سوط عذاب } وهو ما عذبهم به قال الزجاج جعل سوطه الذي ضربهم به العذاب ، يقال صب على فلان خلعة أي ألقاها عليه ، ومعنى سوط عذاب نصيب عذاب أو نوع من العذاب . فأهلكت عاد بالريح وثمود بالصيحة وفرعون بالغرق { فكلا أخذنا بذنبه } .

وذكر السوط إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم هو بالنسبة إلى ما أعده لهم في الآخرة كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به ، وقيل ذكر السوط للدلالة على شدة ما نزل بهم وكان السوط عندهم هو نهاية ما يعذبه به .

وقال الفراء هي كلمة تقولها العرب لكل نوع من أنواع العذاب . وأصل ذلك أن السوط هو عذابهم الذي يعذبون به فجرى لكل عذاب إذا كان فيه عندهم غاية العذاب ، وقيل معناه عذاب يخالط اللحم والدم من قولهم ساطه يسوطه سوطا أي خلطه فالسوط خلط الشيء بعضه ببعض ، والأولى أنه مجاز واستعارة عن إيقاع العذاب بهم على أبلغ الوجوه وأكملها إذ الصب يشعر بالدوام والسوط بزيادة الإيلام أي عذبوا عذابا مؤلما دائما .