معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (98)

قوله تعالى : { فسبح بحمد ربك } ، قال ابن عباس : فصل بأمر ربك { وكن من الساجدين } ، من المصلين المتواضعين . وقال الضحاك : { فسبح بحمد ربك } : قل سبحان الله وبحمده { وكن من الساجدين } المصلين . وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (98)

وقوله : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ } أي : وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك انقباض وضيق صدر . فلا يهيدنك ذلك ، ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله ، وتوكل على الله فإنه كافيك وناصرك عليهم ، فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة ؛ ولهذا قال : { وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ } كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِي ، حدثنا معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مُرَّة ، عن نعيم بن هَمَّار{[16293]} أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قال الله : يا ابن آدم ، لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره . .

ورواه أبو داود{[16294]} من حديث مكحول ، عن كثير بن مرة ، بنحوه{[16295]}

ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حَزبه أمر صلَّى .


[16293]:في ت، أ: "عمار".
[16294]:في ت، أ: "أبو داود والنسائي".
[16295]:المسند (5/286) وسنن أبي داود برقم (1289).

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (98)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَكُنْ مّنَ السّاجِدِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولقد نعلم يا محمد أنك يضيق صدرك بما يقول هؤلاء المشركون من قومك من تكذيبهم إياك واستهزائهم بك وبما جئتهم به ، وأن ذلك يُحْرِجك . فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ يقول : فافزع فيما نابك من أمر تكرهه منهم إلى الشكر لله والثناء عليه والصلاة ، يكفك الله من ذلك ما أهمّك . وهذا نحو الخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنه كان إذا حزَبَه أمر فَزِع إلى الصلاة » .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (98)

ثم أمره تعالى بملازمة الطاعة وأن تكون مسلاته عند الهموم ، وقوله { من الساجدين } يريد من المصلين ، فذكر من الصلاة حالة القرب من الله تعالى وهي السجود ، وهي أكرم حالات الصلاة وأقمنها بنيل الرحمة ، وفي الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم :

«إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة »{[7234]} فهذا منه عليه السلام أخذ بهذه الآية .


[7234]:أخرجه الإمام أحمد (5 ـ 388)، والنسائي في المواقيت، عن حذيفة، ولفظه في المسند: (كان إذا حزبه أمر صلى).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (98)

الباء في { بحمد ربك } للمصاحبة . والتقدير : فسبح ربّك بحمده ؛ فحُذف من الأول لدلالة الثاني . وتسبيح الله تنزيهه بقول : سُبحان الله .

والأمر في { وكن من الساجدين واعبد ربك } مستعملان في طلب الدّوام .

و { من الساجدين } أبلغ في الاتّصاف بالسجود من ( ساجداً ) كما تقدم في قوله تعالى : { وكونوا مع الصادقين } في سورة براءة ( 119 ) ، وقوله { قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين } في سورة البقرة ( 67 ) ونظائرهما .

والساجدون : هم المصلّون . فالمعنى : ودم على الصلاة أنتَ ومن معكَ .

وليس هذا موضع سجدة من سجود التلاوة عند أحد من فقهاء المسلمين . وفي « تفسير القرطبي » عن أبي بكر النقاش أن أبا حُذيفة ( لعلّه يعني به أبا حذيفة اليمان بن المغيرة البصري من أصحاب عكرمة وكان منكر الحديث ) واليمان بن رئاب ( كذا ) رأياها سجدةَ تلاوة واجبة .

قال ابن العربي : شاهدت الإمام بمحراب زكرياء من البيت المقدس سجد في هذا الموضع حين قراءته في تراويح رمضان وسجدتُ معه فيها . وسجود الإمام عجيب وسجود أبي بكر بن العربي معه أعجب للإجماع ؛ على أنه لا سجدة هنا ، فالسجود فيها يعدّ زيادة وهي بدعة لا محالة .