معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم مِّنَ ٱلۡأٓيَٰتِ مَا فِيهِ بَلَـٰٓؤٞاْ مُّبِينٌ} (33)

قوله تعالى : { وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين } قال قتادة : نعمة بينة من فلق البحر ، وتظليل الغمام ، وإنزال المن والسلوى ، والنعم التي أنعمها عليهم . وقال ابن زيد : ابتلاهم بالرخاء والشدة ، وقرأ : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } ( الأنبياء-35 ) .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم مِّنَ ٱلۡأٓيَٰتِ مَا فِيهِ بَلَـٰٓؤٞاْ مُّبِينٌ} (33)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وآتيناهم}: وأعطيناهم.

{من الآيات} حين فلق البحر وأهلك عدوهم فرعون، وظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، والحجر والعمود والتوراة، فيها بيان كل شيء، فكل هذا الخير ابتلاهم الله به، فلم يشكروا ربهم، فذلك قوله: {وآتيناهم من الآيات}.

{ما فيه بلاء مبين} يعني النعم البينة، كقوله: {إن هذا لهو البلاء المبين} [الصافات:106].

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

أعطيناهم من العِبر والعظات ما فيه اختبار يبين لمن تأمله أنه اختبار اختبرهم الله به.

واختلف أهل التأويل في ذلك البلاء؛ فقال بعضهم: ابتلاهم بنعمه عندهم...

وقال آخرون: بل ابتلاهم بالرخاء والشدّة...

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه آتى بني إسرائيل من الآيات ما فيه ابتلاؤهم واختبارهم، وقد يكون الابتلاء والاختبار بالرخاء، ويكون بالشدّة، ولم يضع لنا دليلاً من خبر ولا عقل، أنه عنى بعض ذلك دون بعض، وقد كان الله اختبرهم بالمعنيين كليهما جميعا.

وجائز أن يكون عنى اختباره إياهم بهما، فإذا كان الأمر على ما وصفنا، فالصواب من القول فيه أن نقول كما قال جلّ ثناؤه إنه اختبرهم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ثم بين ما بن اختارهم بأن قال "وآتيناهم "يعني أعطيناهم "من الآيات" يعني الدلالات والمعجزات "ما فيه بلاء مبين" قال الحسن: يعني ما فيه النعمة الظاهرة. قال الفراء: البلاء قد يكون بالعذاب، وقد يكون بالنعمة، وهو ما فعل الله بهم من إهلاك فرعون وقومه، وتخليصهم منه وإظهار نعمه عليهم شيئا بعد شيء.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

تعرضوا للاختبار بهذه الآيات، التي آتاهم الله إياها للابتلاء. حتى إذا تم امتحانهم وانقضت فترة استخلافهم، أخذهم الله بانحرافهم والتوائهم، وبنتيجة اختبارهم وابتلائهم، فضربهم بمن يشردهم في الأرض، وكتب عليهم الذلة والمسكنة، وتوعدهم أن يعودوا إلى النكال والتشريد كلما بغوا في الأرض إلى يوم الدين...

.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

إيتاء الآيات من آثار الاختيار؛ لأنه من عناية الله بالأمة لأنه يزيدهم يقيناً بإيمانهم. والمراد بالآيات المعجزات التي ظهرت على يد موسى عليه السلام أيد الله به بني إسرائيل في مواقع حروبهم بنصر الفئة القليلة منهم على الجيوش الكثيرة من عدوّهم.

وهذا تعريض بالإنذار للمشركين بأن المسلمين سيغلبون جمعهم مع قِلتِهم في بدر وغيرها.

والبلاء: الاختبار يكون بالخير والشر. فالأول اختبار لمقابلة النعمة بالشكر أو غيره، والثاني اختبار لمقدار الصبر، قال تعالى: {ونبْلوكم بالشر والخير فتنةً} [الأنبياء: 35] أي ما فيه اختبار لهم في نظر الناس ليعلم بعضهم أنهم قابلوا نعمة إيتاء الآيات بالشكر، ويحذروا قومهم من مقابلة النعمة بالكفران.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ربّما كان الهدف من ذكر قصة بني إسرائيل للمسلمين الأوائل، هو أنّ لا يخافوا من كثرة الأعداء وتعاظم قوّتهم، وليطمئنوا بأنّ الله الذي أهلك الفراعنة ودمرهم، وأورث بني إسرائيل ملكهم وحكومتهم، سيمنّ عليهم في القريب العاجل بمثل هذا النصر، وكما اختبر أُولئك بهذه المواهب، فإنّكم ستوضعون أيضاً في بوتقة الامتحان والاختبار، ليتّضح ماذا ستفعلون بعد الانتصار وتقلد الحكم؟ وهذا تحذير لكلّ الأُمم والأقوام فيما يتعلق بالانتصارات والمواهب التي يحصلون عليها بفضل الله ولطفه، فإنّ الامتحان عندئذ عسير.

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم مِّنَ ٱلۡأٓيَٰتِ مَا فِيهِ بَلَـٰٓؤٞاْ مُّبِينٌ} (33)

قوله تعالى : " وآتيناهم من الآيات " أي من المعجزات لموسى . " ما فيه بلاء مبين " قال قتادة : الآيات إنجاؤهم من فرعون وفلق البحر لهم ، وتظليل الغمام عليهم وإنزال المن والسلوى . ويكون هذا الخطاب متوجها إلى بني إسرائيل . وقيل : إنها العصا واليد . ويشبه أن يكون قول الفراء . ويكون الخطاب متوجها إلى قوم فرعون . وقول ثالث : إنه الشر الذي كفهم عنه والخبر الذي أمرهم به . قاله عبد الرحمن بن زيد . ويكون الخطاب متوجها إلى الفريقين معا من قوم فرعون وبني إسرائيل . وفي قوله : " بلاء مبين " أربعة أوجه : أحدها : نعمة ظاهرة . قاله الحسن وقتادة . كما قال الله تعالى : " وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا " {[13736]} [ الأنفال : 17 ] . وقال زهير :

فأبلاهُما خيرَ البلاء الذي يبلُو{[13737]}

الثاني : عذاب شديد . قاله الفراء . الثالث : اختبار يتميز به المؤمن من الكافر ، قاله عبد الرحمن بن زيد . وعنه أيضا : ابتلاؤهم بالرخاء والشدة ، ثم قرأ " ونبلوكم بالشر والخير فتنة " {[13738]} [ الأنبياء : 35 ] .


[13736]:آية 17 سورة الأنفال.
[13737]:صدره: *رأى الله بالإحسان ما فعلا بكم*.
[13738]:آية 35 سورة الأنبياء.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَءَاتَيۡنَٰهُم مِّنَ ٱلۡأٓيَٰتِ مَا فِيهِ بَلَـٰٓؤٞاْ مُّبِينٌ} (33)

ولما أعلم باختيارهم ، بين آثار الاختيار فقال : { وآتيناهم } أي على ما لنا من العظمة { من الآيات } أي العلامات الدالة على عظمتنا واختيارنا لهم من حين أتى موسى عبدنا عليه الصلاة والسلام فرعون{[57561]} إلى أن فارقهم بالوفاة وبعد وفاته على أيدي الأنبياء المقررين لشرعه عليهم الصلاة والسلام { ما فيه بلاؤا } أي اختبار مثله يميل من ينظره أو يسمعه أو يحيله إلى غير ما كان{[57562]} عليه ، وذلك بفرق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغير ذلك مما رأوه{[57563]} من الآيات التسع ، وفي هذا ما هو رادع{[57564]} للعرب عن بعض أقوالهم من خوف التخطف من العرب{[57565]} والفقر لقطع الجلب عنهم وغير ذلك { مبين * } أي بين لنفسه موضح لغيره ، و{[57566]}ما أنسب هذا الختم لقوله أول قصتهم " ولد فتنا قبلهم قوم فرعون " .


[57561]:زيد في الأصل: لعنه الله، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[57562]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كانوا.
[57563]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: طلبوه.
[57564]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: ردع.
[57565]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: القرب.
[57566]:في الأصل و ظ بياض ملأناه من م ومد.