معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هَٰذَا هُدٗىۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ لَهُمۡ عَذَابٞ مِّن رِّجۡزٍ أَلِيمٌ} (11)

قوله تعالى : { هذا } يعني هذا القرآن ، { هدىً } بيان من الضلالة ، { والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَٰذَا هُدٗىۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ لَهُمۡ عَذَابٞ مِّن رِّجۡزٍ أَلِيمٌ} (11)

وينتهي هذا المقطع ، الذي ورد فيه ذكر الاستهزاء بآيات الله ، والصد عنها والاستكبار ، بكلمة عن حقيقة هذه الآيات ؛ وجزاء من يكفر بهذه الحقيقة في إجمال :

( هذا هدى . والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم ) . .

إن حقيقة هذا القرآن أنه هدى . هدى خالص مصفى . هدى ممحض لا يشوبه ضلال . فالذي يكفر بعد ذلك بالآيات ، وهذه حقيقتها ، يستحق ألم العذاب . الذي يمثله توكيد معنى الشدة والإيلام . فالرجز هو العذاب الشديد . والعذاب الذي يهددون به هو عذاب من رجز أليم . . تكرار بعد تكرار . وتوكيد بعد توكيد . يليق بمن يكفر بالهدى الخالص الممحض الصريح .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هَٰذَا هُدٗىۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ لَهُمۡ عَذَابٞ مِّن رِّجۡزٍ أَلِيمٌ} (11)

وقوله تعالى : { هذا هدى } إشارة إلى القرآن .

وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص : «أليمٌ » على النعت ل { عذاب } وهي قراءة ابن محيصن وابن مصرف وأهل مكة . وقرأ الباقون : «أليمٍ » على النعت ل { رجز } وهي قراءة الحسن وأبي جعفر وشيبة وعيسى والأعمش . والرجز : أشد العذاب .

وقوله : { لهم عذاب } بمنزلة قولك : لهم حظ ، فمن هذه الجهة ومن جهة تغاير اللفظتين حسن قوله : { عذاب من رجز } إذ الرجز هو العذاب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هَٰذَا هُدٗىۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ لَهُمۡ عَذَابٞ مِّن رِّجۡزٍ أَلِيمٌ} (11)

جملة { هذا هدى } استئناف ابتدائي انتُقل به من وصف القرآن في ذاته بأنه منزل من الله وأنه من آيات الله إلى وصفه بأفضل صفاته بأنه هدى ، فالإشارة بقوله : { هذا } إلى القرآن الذي هو في حال النزول وَالتِلاوةِ فهو كالشيء المشاهد ، ولأنه قد سبق من أوصافه من قوله : { تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم } [ الجاثية : 2 ] وقوله : { تلك آيات الله } [ الجاثية : 6 ] إلى آخره ما صيره متميزاً شخصاً بِحسن الإشارة إليه . ووصف القرآن بأنه { هدى } من الوصف بالمصدر للمبالغة ، أي : هاد للناس ، فمن آمن فقد اهتدى ومن كفر به فله عذاب لأنه حَرَمَ نفسه من الهدى فكان في الضلال وارتبق في المفاسد والآثام .

فجملة { والذين كفروا } عطف على جملة { هذا هدى } والمناسبة أن القرآن من جملة آيات الله وأنه مذكِّر بها ، فالذين كفروا بآيات الله كفروا بالقرآن في عموم الآيات ، وهذا واقع موقع التذييل لما تقدمه ابتداء من قوله : { ويل لكل أفاك أثيم } [ الجاثية : 7 ] . وجيء بالموصول وصلته لما تشعر به الصلة من أنهم حقيقون بالعقاب .

واستُحْضِروا في هذا المقام بعنوان الكُفر دون عنواني الإصرار والاستكبار اللذين استحضروا بهما في قوله : { ثم يُصِرّ مستكبراً } [ الجاثية : 8 ] لأن الغرض هنا النعي عليهم إهمالهم الانتفاع بالقرآن وهو النعمة العظمى التي جاءتهم من الله فقابلوها بالكفران عوضاً عن الشكر ، كما جاء في قوله تعالى : { وتجعلون رزقكم أنكم تكذّبون } [ الواقعة : 82 ] .

والرجز : أشد العذاب ، قال تعالى : { فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يَفْسُقون } [ البقرة : 59 ] . ويجوز أن يكون حرف { مِن } للبيان فالعذاب هو الرجز ويجوز أن يكون للتبعيض ، أي عذاب مما يسمى بالرجز وهو أشده .

و { أليم } يجوز أن يكون وصفاً ل { عذاب } فيكون مرفوعاً وكذلك قرأه الجمهور . ويجوز أن يكون وصفاً ل { رجزٍ } فيكون مجروراً كما قرأه ابن كثير وحفص عن عاصم .