معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ رَسُولٗا شَٰهِدًا عَلَيۡكُمۡ كَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ رَسُولٗا} (15)

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ رَسُولٗا شَٰهِدًا عَلَيۡكُمۡ كَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ رَسُولٗا} (15)

ويلتفت السياق أمام مشهد الهول المفزع ، إلى المكذبين أولي النعمة ، يذكرهم فرعون الجبار ، وكيف أخذه الله أخذ عزيز قهار :

( إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا ، فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا ) .

هكذا في اختصار يهز قلوبهم ويخلعها خلعا ، بعد مشهد الأرض والجبال وهي ترتجف وتنهار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ رَسُولٗا شَٰهِدًا عَلَيۡكُمۡ كَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ رَسُولٗا} (15)

وقوله تعالى : { إنا أرسلنا إليكم } الآية خطاب للعالم ، لكن المواجهون قريش ، وقوله { شاهداً عليكم } نحو قوله { وجئنا بك على هؤلاء شهيداً }{[11398]} [ النساء : 41 ] ، وتمثيله لهم أمرهم بفرعون وعيد كأنه يقول : فحالهم من العذاب والعقاب إن كفروا سائرة إلى مثل حال فرعون .


[11398]:من الآية 41 من سورة النساء.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ رَسُولٗا شَٰهِدًا عَلَيۡكُمۡ كَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ رَسُولٗا} (15)

نقل الكلام إلى مخاطبة المشركين بعد أن كان الخطاب موجهاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

والمناسبة لذلك التخلصُ إلى وعيدهم بعد أن أمره بالصبر على ما يقولون وهجرهم هجراً جميلاً إذ قال له { وذرني والمكذبين } إلى قوله : { وعذاباً أليماً } [ المزمل : 1113 ] .

فالكلام استئناف ابتدائي ، ولا يُعد هذا الخطاب من الالتفات لأن الكلام نقل إلى غرض غير الغرض الذي كان قبله .

فالخطاب فيه جار على مقتضى الظاهر على كلا المذهبين : مذهب الجمهور ومذهب السكاكي .

والمقصود من هذا الخبر التعريض بالتهديد أن يصيبهم مثل ما أصاب أمثالهم ممن كذبوا الرسل فهو مثَل مضروب للمشركين .

وهذا أول مثَل ضربه الله للمشركين للتهديد بمصير أمثالهم على قول الجمهور في نزول هذه السورة .

واختير لهم ضرب المثل بفرعون مع موسى عليه السلام ، لأن الجامع بين حال أهل مكة وحال أهل مصر في سبب الإِعراض عن دعوة الرسول هو مجموع ما هم عليه من عبادة غير الله ، وما يملأ نفوسهم من التكبر والتعاظم على الرسول المبعوث إليهم بزعمهم أن مثلهم لا يطيع مِثله كما حكى الله تعالى عنهم بقوله : { فقالوا أنؤمن لبشرين مثِلنا وقومُهما لنا عابدون } [ المؤمنون : 47 ] وقد قال أهل مكة { لولا نُزِّل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم } [ الزخرف : 31 ] وقد حكى الله عنهم أنهم قالوا { لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربّنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتَوْا عُتُوّاً كبيراً } [ الفرقان : 21 ] . وقد تكرر في القرآن ضرب المثل بفرعون لأبي جهل وهو زعيم المناوين للنبيء صلى الله عليه وسلم والمؤلبين عليه وأشد صناديد قريش كفراً .

وأُكد الخبر ب ( إنَّ ) لأن المخاطبين منكرون أن الله أرسل إليهم رسولاً .

ونكر { رسولاً } لأنهم يعلمون المعنيَّ به في هذا الكلام ، ولأن مناط التهديد والتنظير ليس شخص الرسول صلى الله عليه وسلم بل هو صفة الإِرسال .

وأدمج في التنظير والتهديدِ وصفُ الرسول صلى الله عليه وسلم بكونه شاهداً عليهم .

والمراد بالشهادة هنا : الشهادة بتبليغ ما أراده الله من الناس وبذلك يكون وصف { شاهداً } موافقاً لاستعمال الوصف باسم الفاعل في زمن الحال ، أي هو شاهد عليكم الآن بمعاودة الدعوة والإِبلاغ .

وأما شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة فهي شهادة بصدق المسلمين في شهادتهم على الأمم بأن رسلهم أبلغوا إليهم رسالات ربّهم ، وذلك قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً } كما ورد تفصيل تفسيرها في الحديث الصحيح ، وقد تقدم في سورة البقرة ( 143 ) .

وتنكير { رسولاً } المرسَل إلى فرعون لأن الاعتبار بالإِرسال لا بشخص المرسل إذ التشبيه تعلق بالإِرسال في قوله : { كما أرسلنا إلى فرعون } إذ تقديره كإرسالنا إلى فرعون رسولاً .