السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ رَسُولٗا شَٰهِدًا عَلَيۡكُمۡ كَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ رَسُولٗا} (15)

ولما خوّف تعالى المكذبين أولي النعمة بأهوال يوم القيامة خوّفهم بعد ذلك بأهوال الدنيا فقال تعالى : { إنا } أي : بما لنا من العظمة { أرسلنا إليكم } يا أهل مكة شرفاً لكم خاصة وإلى كل من بلغته الدعوة عامّة { رسولاً } أي : عظيماً جدًّا ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمامهم وأجلهم وأفضلهم قدراً { شاهداً عليكم } أي : بما تصنعون ليؤدّي الشهادة عند طلبها منه يوم ننزع من كل أمّة شهيداً وهو يوم القيامة { كما أرسلنا } أي : بما لنا من العظمة { إلى فرعون } أي : ملك مصر { رسولاً } وهو موسى عليه الصلاة والسلام ، وهذا تهديد لأهل مكة بالأخذ الوبيل . قال مقاتل : وإنما ذكر موسى وفرعون دون سائر الرسل لأنّ أهل مكة ازدروا محمداً صلى الله عليه وسلم واستخفوا به لأنه ولد فيهم ، كما أنّ فرعون ازدرى بموسى عليه السلام لأنه رباه ونشأ فيما بينهم ، كما قال تعالى حكاية عن فرعون : { ألم نربك فينا وليداً } [ الشعراء : 18 ] وذكر الرازي السؤال والجواب . قال ابن عادل : وهو ليس بالقوي لأنّ إبراهيم عليه السلام ولد ونشأ فيما بين قوم نمروذ وكان آزر وزير نمروذ على ما ذكره المفسرون ، وكذا القول في هود ونوح وصالح ولوط لقوله تعالى في قصة كل واحد منهم لفظة { أخاهم } لأنه من القبيلة التي بعث إليها انتهى . وقد يقال : الجامع بين محمد وموسى عليهما الصلاة والسلام التربية ، فإنّ أبا طالب تربى عنده النبيّ صلى الله عليه وسلم وموسى عليه السلام تربى عند فرعون ولم يكن ذلك لغيرهما .