وقوله : { قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ } : الرفع أقوى وأثبت من النصب ، فرده أفضل من التسليم ؛ ولهذا قال تعالى : { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } [ النساء : 86 ] ، فالخليل اختار الأفضل .
وقوله : { قَوْمٌ مُنْكَرُونَ } : وذلك أن الملائكة وهم : جبريل وإسرافيل وميكائيل قدموا عليه في صور شبان حسان عليهم مهابة عظيمة ؛ ولهذا قال : { قَوْمٌ مُنْكَرُونَ } .
وقوله : إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ يقول : حين دخل ضيف إبراهيم عليه ، فقالوا له سلاما : أي أسلموا إسلاما ، قال سلام .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة ، قال : سَلامٌ بالألف بمعنى قال : إبراهيم لهم سلام عليكم . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة «سِلْمٌ » بغير ألف ، بمعنى ، قال : أنتم سلم .
وقوله : قَوْمٌ مُنْكَرُونَ يقول : قوم لا نعرفكم ، ورفع «قوم منكرون » باضمار أنتم .
و : { سلاماً } منصوب على المصدر كأنهم قالوا : تسلم سلاماً ، أو سلمت سلاماً{[10604]} ، ويتجه فيه أن يعمل فيه { قالوا } على أن نجعل { سلاماً } بمنزلة قولاً . ويكون المعنى حينئذ أنهم قالوا تحية وقولاً معناه : { سلاماً } وهذا قول مجاهد .
وقوله : { سلام } مرتفع على خبر ابتداء . أي أمر { سلام } . أو واجب لكم { سلام } ، أو على الابتداء والخبر محذوف ، كأنه قال : سلام عليكم وإبراهيم عليه السلام قد حيا بأحسن لأن قولهم دعاء وقوله واجب قد تحصل لهم .
وقرأ ابن وثاب والنخعي وحمزة والكسائي وطلحة وابن جبير قال : «سِلْم » بكسر السين وسكون اللام . والمعنى نحن سلم وأنتم سلم .
وقوله : { قوم منكرون } معناه : لا نميزهم ولا عهد لنا بهم . وهذا أيضاً على تقدير : أنتم { قوم منكرون } وقال أبو العالية : أنكر سلامهم في تلك الأرض وفي ذلك الزمن .
ظرفُ { إذ دخلوا عليه } يتعلق ب { حديثُ } لما فيه من معنى الفعل ، أي خَبرهم حين دخلوا عليه .
وقوله : { فقالوا سلاماً قال سلام } تقدم نظيره في سورة هود . وقرأ الجمهور : { قال سلام } . وقرأه حمزة والكسائي { قال سِلْم } بكسر السين وسكون اللام .
وقوله : { قوم منكرون } من كلام إبراهيم . والظاهر أنه قاله خَفْتا إذ ليس من الإكرام أن يجاهرَ الزائر بذلك ، فالتقدير : هُم قوم منكرون .
والمنكر : الذي ينكره غيره ، أي لا يعرفه . وأطلق هنا على من ينكّر حاله ويظن أنه حال غيرُ معتاد ، أي يخشى أنه مضمِر سوء ، كما قال في سورة هود ( 70 ) { فلما رأى أيديهم لا تصِلُ إليه نَكرهم وأوجس منهم خِيفة } ومنه قول الأعشى :
وأنكرتني وما كان الذي نَكِرَتْ *** من الحوادث إلا الشيبَ والصَّلَعا
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.