تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ} (25)

الآية 25 وقوله تعالى : { إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم مُنكَرون } كقوله{[19896]} في آية أخرى : { إذ دخلوا عليه فقالوا سلامًا قال سلام قوم منكرون } [ الحجر : 52 ] .

ذكر ههنا سلام الملائكة عليهم السلام ، ولم يذكر سلام إبراهيم ، صلوات الله عليه ، إنما ذكر وَجَله منهم ، وذكر في الأول سلام الملائكة عليهم السلام وسلام إبراهيم عليه السلام عليهم ، وذكر أنهم مُنكَرون . وقال في آية أخرى : { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكِرهم وأوجس منهم خيفة } [ هود : 70 ] قل بعضهم : إنما أوجس منهم الخيفة لما خشي أن يكونوا سُرّاقا لأنه كان بين إبراهيم عليه السلام وبين الذين انتابوا ما{[19897]} يُعرف بُعَيدَ ما يحتاج المنتاب إلى طعام ، فإذا امتنعوا عنه خاف أن يكونوا [ سُرّقًا ]{[19898]} إذ لا يمتنع عن التّناول إلا السُّرّاق .

لكن هذا ليس بشيء لأنه قد كان منهم السلام /531-أ/ والسلام أحد [ علامات الإيمان ]{[19899]} لكن يكون خوفه بعد ما عرف أنهم ملائكة لما علم أن الملائكة عليهم السلام لا ينزلون إلا لأمر عظيم : لإهلاك قوم أو لتعذيب أمة كقوله تعالى : { ما ننزّل الملائكة إلا بالحق } [ الحجر : 8 ] وقوله تعالى : { ولو أنزلنا ملكا لقُضي الأمر } [ الأنعام : 8 ] هذا يحتمل ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { قوم مُنكَرون } جائز أن يكون هذا إخبارا من الله تعالى أنهم قوم منكرون ، أي غير معروفين عندنا ، لم يعرفهم ، وقد ذكرنا هذا في ما تقدم .


[19896]:في الأصل وم: وقال.
[19897]:في الأصل وم: منه.
[19898]:ساقطة من الأصل وم.
[19899]:في الأصل: علامة الأماكن، في م، علامة الأمان.