روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ} (25)

{ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ } ظرف للحديث لأنه صفة في الأصل ، أو للضيف ، أو { *لمكرمين } إن أريد إكرام إبراهيم لأن إكرام الله تعالى إياهم لا يتقيد ، أو منصوب بإضمار اذكر { عَلَيْهِ فَقَالُواْ سلاما } أي نسلم عليك سلاماً ، وأوجب في «البحر » حذف الفعل لأن المصدر سادّ مسدّه فهو من المصادر التي يجب حذف أفعالها ، وقال ابن عطية : يتجه أن يعمل في { سَلاَماً } قالوا : على أن يجعل في معنى قولاً ويكون المعنى حينئذٍ أنهم قالوا : تحية وقولاً معناه { سلام } ونسب إلى مجاهد وليس بذاك .

{ قَالَ سلام } أي عليكم سلام عدل به إلى الرفع بالابتداء لقصد الثبات حتى يكون تحيته أحسن من تحيتهم أخذاً بمزيد الأدب والإكرام ، وقيل : { سلام } خبر مبتدأ محذوف أي أمري { سلام } وقرئا مرفوعين ، وقرئ سلاماً قال سلما بكسر السين وإسكان اللام والنصب ، والسلم السلام ، وقرأ ابن وثاب . والنخعي . وابن جبير . وطلحة سلاماً قال سلم بالكسر والإسكان والرفع ، وجعله في «البحر » على معنى نحن أو أنتم سلم { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } أنكرهم عليه السلام للسلام الذي هو علم الإسلام ، أو لأنهم عليهم السلام ليسوا ممن عهدهم من الناس ، أو لأن أوضاعهم وأشكالهم خلاف ما عليه الناس ، و { قَوْمٌ } خبر مبتدأ محذوف والأكثر على أن التقدير أنتم قوم منكرون وأنه عليه السلام قاله لهم للتعرف كقولك لمن لقيته : أنا لا أعرفك تريد عرف لي نفسك وصفها ، وذهب بعض المحققين إلى أن الذي يظهر أن التقدير هؤلاء { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } وأنه عليه السلام قاله في نفسه ، أو لمن كان معه من أتباعه وغلمانه من غير أن يشعرهم بذلك فإنه الأنسب بحاله عليه السلام لأن في خطاب الضيف بنحو ذلك إيحاشاً مّا ، وطلبه به أن يعرفوه حالهم لعله لا يزيل ذلك . وأيضاً لو كان مراده ذلك لكشفوا أحوالهم عند القول المذكور ولم يتصد عليه السلام لمقدمات الضيافة .