معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱنصُرۡنِي بِمَا كَذَّبُونِ} (26)

قوله تعالى : { قال رب انصرني بما كذبون } أي : أعني بإهلاكهم لتكذيبهم إياي .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱنصُرۡنِي بِمَا كَذَّبُونِ} (26)

فلما رأى نوح أنه لا يفيدهم دعاؤه إلا فرارا { قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } فاستنصر ربه عليهم ، غضبا لله ، حيث ضيعوا أمره ، وكذبوا رسوله وقال : { رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا } قال تعالى : { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱنصُرۡنِي بِمَا كَذَّبُونِ} (26)

23

عندئذ لم يجد نوح - عليه السلام - منفذا إلى تلك القلوب الجامدة المتحجرة ؛ ولم يجد له موئلا من السخرية والأذى ، إلا أن يتوجه إلى ربه وحده ، يشكو إليه ما لقيه من تكذيب ويطلب منه النصر بسبب هذا التكذيب :

( قال : رب انصرني بما كذبون ) . .

وعندما يتجمد الأحياء على هذا النحو ، وتهم الحياة بالحركة إلى الأمام ، في طريق الكمال المرسوم ، فتجدهم عقبة في الطريق . . عندئذ إما أن تتحطم هذه المتحجرات ؛ وإما أن تدعها الحياة في مكانها وتمضي . . والأمر الأول هو الذي حدث لقوم نوح . ذلك أنهم كانوا في فجر البشرية وفي أول الطريق ؛ فشاءت إرادة الله أن تطيح بهم من الطريق :

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱنصُرۡنِي بِمَا كَذَّبُونِ} (26)

{ قال } بعدما أيس من إيمانهم . { رب انصرني } بإهلاكهم أو بإنجاز ما وعدتهم من العذاب . { بما كذبون } بدل تكذيبهم إياي أو بسببه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱنصُرۡنِي بِمَا كَذَّبُونِ} (26)

ثم إن نوحاً عليه السلام دعا على قومه حين يئس منهم وإن كان دعاؤه في هذه الآية ليس بنص وإنما هو ظاهر من قوله { بما كذبون } فهذا يقتضي طلبه العقوبة وأما النصرة بمجردها فكانت تكون بردهم إلى الإيمان ، وقرأ أبو جعفر وابن محيصن «ربُّ انصرني » برفع الباء وكذلك «ربُّ احكم »{[8475]} وشبهه .


[8475]:من الآية (112) من سورة (الأنبياء).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ ٱنصُرۡنِي بِمَا كَذَّبُونِ} (26)

استئناف بياني لأن ما حكي عن صدهم الناس عن تصديق دعوة نوح وما لفقوه من البهتان في نسبته إلى الجنون ، مما يثير سؤال مَن يسأل عمَّاذا صنع نوح حين كذّبه قومه فيجاب بأنه قال : { رب انصرني } الخ .

ودعاؤه بطلب النصر يقتضي أنه عَدّ فعلَهم معه اعتداءً عليه بوصفِه رسولاً من عند ربه .

والنصر : تغليب المعتدَى عليه على المعتدي ، فقد سأل نوح نصراً مجملاً كما حكي هنا ، وأعلمه الله أنه لا رجاء في إيمان قومه إلاّ مَن آمن منهم كما جاء في سورة هود ، فلا رجاء في أن يكون نصره برجوعهم إلى طاعته وتصديقه واتِّباع ملته ، فسأل نوح حينذاك نصراً خاصاً وهو استئصال الذين لم يؤمنوا كما جاء في سورة نوح ( 26 ، 27 ) { وقال نوح ربّ لا تَذَرْ على الأرض من الكافرين دَيَّاراً إنك إن تَذَرهمُ يُضِلّوا عبادك } . فالتعقيب الذي في قوله تعالى هنا : { فأوحينا إليه } تعقيب بتقدير جمل محذوفة كما علمت ، وهو إيجاز في حكاية القصة كما في قوله تعالى : { أن أضربْ بعصاكَ البَحْرَ فانفلق } الخ في سورة الشّعراء ( 63 ) .

والباء في { بما كَذّبون } سببية في موضع الحال من النصر المأخوذ من فعل الدعاء ، أي نصراً كائناً بسبب تكذيبهم ، فجعل حظ نفسهِ فيما اعتدوا عليه مُلغىً واهتم بحظ الرسالة عن الله لأن الاعتداء على الرسول استخفاف بمن أرسله .