وقوله : { وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } أي : قد ختم الله عليهم بالضلالة ، فما يفيد فيهم الإنذار ولا يتأثرون به .
وقد تقدم نظيرها في أول سورة البقرة ، {[24676]} وكما قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ } [ يونس : 96 ، 97 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ * إِنّمَا تُنذِرُ مَنِ اتّبَعَ الذِكْرَ وَخشِيَ الرّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } .
يقول تعالى ذكره : وسواء يا محمد على هؤلاء الذين حقّ عليهم القول ، أيّ الأمرين كان منك إليهم الإنذار ، أو ترك الإنذار ، فإنهم لا يؤمنون ، لأن الله قد حكم عليهم بذلك .
هذه مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وسلم مضمنها تسلية عنهم أي أنهم قد حتم عليهم بالكفر فسواء إنذارك وتركه ، والألف في قوله في { أأنذرتهم } ألف التسوية لأنها ليست باستفهام بل المستفهم والمستفهَم مستويان في علم ذلك ، وقرأ الجمهور «آنذرتهم » بالمد ، وقرأ ابن محيصن والزهري «أنذرتهم » بهمزة واحدة على الخبر{[9776]} ، { وسواء } رفع بالابتداء ، وقوله { أأنذرتهم أم لم تنذرهم } جملة من فعلين متعادلين تقدر تقدير فعل واحد هو خبر الابتداء ، كأنه قال وسواء عليهم جميع فعلك ففسر هذا الجميع ب { أنذرتهم أم لم تنذرهم } ، ومثله قولهم : سواء عندي أقمت أم عقدت ، هكذا ذكر أبو علي في تحقيق الخبر في مثل هذا إذ من الأصول أن الابتداء هو الخبر والخبر هو الابتداء .
عطف على جملة { لا يبصرون } [ يس : 9 ] ، أي إنذارَك وعدمه سواء بالنسبة إليهم ، فحرف ( على ) معناه الاستعلاء المجازي وهو هنا الملابسة ، متعلق ب { سواء } الدال على معنى ( استوى ) ، وتقدم نظيرها في أول سورة البقرة .
وهمزة التسوية أصلها الاستفهام ثم استعملت في التسوية على سبيل المجاز المرسل ، وشاع ذلك حتى عدّت التسوية من معاني الهمزة لكثرة استعمالها في ذلك مع كلمة سواء وهي تفيد المصدرية . ولما استعملت الهمزة في معنى التسوية استعملت { أم } في معنى الواو ، وقد جاء على الاستعمال الحقيقي قول بُثيْنة :
سواء علينا يا جميلُ بن مَعمر *** إذَا مِتَّ بأساءُ الحياةِ ولينُها
وجملة { لا يؤمنون } مبيّنة استواء الإِنذار وعدمِه بالنسبة إليهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.