معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ} (35)

قوله تعالى : { أعنده علم الغيب فهو يرى } ما غاب عنه ويعلم أن صاحبه يتحمل عنه عذابه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ} (35)

{ أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى } الغيب ويخبر به ، أم هو متقول على الله ، متجرئ على الجمع بين الإساءة والتزكية{[907]}  كما هو الواقع ، لأنه قد علم أنه ليس عنده علم من الغيب ، وأنه لو قدر أنه ادعى ذلك فالإخبارات القاطعة عن علم الغيب التي على يد النبي المعصوم ، تدل على نقيض قوله ، وذلك دليل على بطلانه .


[907]:- فتجرئ عليه جامع بين المحذورين الإساءة والتزكية.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ} (35)

( أعنده علم الغيب فهو يرى ? ) . .

والغيب لله . لا يراه أحد سواه . فلا يأمن الإنسان ما خبئ فيه ؛ وعليه أن يواصل عمله وبذله ، وأن يعيش حذرا موفيا طوال حياته ؛ وألا يبذل ثم ينقطع ، ولا ضمان له في الغيب المجهول إلا حذره وعمله ووفاؤه ، ورجاؤه بهذا كله في مغفرة الله وقبوله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ} (35)

وقوله : { أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى } أي : أعند هذا الذي قد أمسك يده خشية الإنفاق ، وقطع

معروفه ، أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده ، حتى قد أمسك عن معروفه ، فهو يرى ذلك عيانا ؟ ! أي : ليس الأمر كذلك ، وإنما أمسك عن الصدقة والمعروف والبر والصلة بخلا وشحا وهلعا ؛ ولهذا جاء في الحديث : " أنفق بلالا ولا تَخْشَ من ذي العرش إقلالا " {[27700]} ، وقد قال الله تعالى : { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [ سبأ : 39 ] .


[27700]:- (1) جاء من حديث أبي هريرة وبلال وابن مسعود. أما حديث أبي هريرة: فرواه أبو نعيم في الحلية (2/280) والطبراني في المعجم الكبير (1/341) من طريقين عن محمد بن سيرين عنه به.وأما حديث بلال: فرواه الطبراني في المعجم الكبير (1/359) من طريق أبي إسحاق عن مسروق عنه به.وأما حديث ابن مسعود: فرواه الطبراني في المعجم الكبير (10/191) من طريق يحيى بن وثاب عن مسروق عنه به.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ} (35)

وقوله : أعِنْدَهُ عِلْمُ الغَيْبِ فَهوَ يَرَى يقول تعالى ذكره : أعند هذا الذي ضمن له صاحبه أن يتحمل عنه عذاب الله في الاَخرة علم الغيب ، فهو يرى حقيقة قوله ، ووفائه بما وعده .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ} (35)

وقوله تعالى : { أعنده علم الغيب فهو يرى } معناه : أعلم من الغيب أن من تحمل ذنوب آخر فإن المتحمل عنه ينتفع بذلك ، فهو لهذا الذي علمه يرى الحق وهو له فيه بصيرة أم هو جاهل لم ينبأ أي يعلم ما في صحف موسى وهي التوراة وفي صحف إبراهيم وهي كتب نزلت عليه من السماء من أنه لا تزر وازرة وزر أخرى ، أي لا تحمل حاملة حمل أخرى ، وإنما يؤخذ كل واحد بذنوب نفسه ، أي فلما كان جاهلاً بهذا وقع في عطاء ماله للذي قال له : إني أتحمل عنك درك الآخرة{[10719]} .


[10719]:أي: تبعة الآخرة، يقال: ما لحقك من درك فعلي خلاصه.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡغَيۡبِ فَهُوَ يَرَىٰٓ} (35)

الفاء لتفريع الاستفهام التعجيبي على قوله { ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى } إذ كان حال هذا الذي تولى وأعطى قليلا وأكدا جهلا بأن للإنسان ما سعى وقد حصل في وقت نزول الآية المتقدمة أو قبلها حادث أنبأ عن سوء الفهم لمراد الله من عباده مع أنه واضح لمن صرف حق فهمه . ففرع على ذلك كله تعجيب من انحراف أفهامهم

فالذي تولى وأعطى قليلا هو هنا ليس فريقا مثل الذي عناه قوله { فأعرض عمن تولى عن ذكرنا } بل هو شخص بعينه . واتفق المفسرون والرواة على أن المراد به هنا معين ولعل ذلك وجه التعبير عنه بلفظ { الذي } دون كلمة { من } لأن { الذي } أظهر في الإطلاق على الواحد المعين دون لفظ { من } . واختلفوا في تعيين هذا { الذي تولى وأعطى قليلا } فروى الطبري والقرطبي عن مجاهد وابن زيد أن المراد به الوليد بن المغيرة قالوا : كان يجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويستمع إلى قراءته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظه فقارب أن يسلم فعاتبه رجل من المشركين { لم يسموه } وقال : لم تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار كان ينبغي أن تنصرهم فكيف يفعل بآبائك فقال : { إني خشيت عذاب الله } فقال : { اعطني شيئا وأنا أحمل عنك كل عذاب كان عليك } فأعطاه { ولعل ذلك كان عندهم التزاما يلزم ملتزمه وهم لا يؤمنون بجزاء الآخرة فلعله تفادى من غضب الله في الدنيا ورجع إلى الشرك } ولما سأله الزيادة بخل عنه وتعاسر وأكدى

وروى القرطبي عن السدي : أنها نزلت في العاصي بن وائل السهمي وعن محمد بن كعب : نزلت في أبي جهل وعن الضحاك : نزلت في النضر بن الحارث

ووقع في أسباب النزول للواحدي والكشاف أنها نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي السرح حين صد عثمان بن عفان عن نفقة في الخير كان ينفقها « أي قبل أن يسلم عبد الله بن سعد » رواه الثعلبي عن قوم . قال ابن عطية : وذلك باطل وعثمان منزه عن مثله, أي عن أن يصغي إلى أنه تولى عن النظر في الإسلام بعد أن قاربه

والاستفهام في { أعنده علم الغيب } إنكاري على توهمه أن استئجار أحد ليتحمل عنه عذاب الله ينجيه من العذاب أي ما عنده علم الغيب . وهذا الخبر كناية عن خطئه فيما توهمه

والجملة استئناف بياني للاستفهام التعجيبي من قوله { أفرأيت الذي تولى } الخ

وتقديم { عنده } وهو مسند على { علم الغيب } وهو مسند إليه للاهتمام بهذه العندية العجيب ادعاؤها والإشارة إلى بعده عن هذه المنزلة

وعلم الغيب : معرفة العوالم المغيبة أي العلم لاصل من أدلة فكأنه شاهد الغيب بقرينة قوله { فهو يرى }

وفرع على هذا التعجيب قوله { فهو يرى } أي فهو يشاهد أمور الغيب بحيث عاقد على التعارض في حقوقها . والرؤية في قوله { فهو يرى } بصرية ومفعولها محذوف والتقدير : فهو يرى الغيب

والمعنى : أنه آمن نفسه من تبعة التولي عن الإسلام ببذل شيء لمن تحمل عنه تبعة توليه كأنه يعلم الغيب ويشاهد أن ذلك يدفع عنه العقاب فقد كان فعله ضغثا على إبالة لأنه ظن أن التولي جريمة وما بذل المال إلا لأنه توهم أن الجرائم تقبل الحمالة في الآخرة

وتقديم الضمير المسند إليه على فعله المسند دون أن يقول : فيرى لإفادة تقوي الحكم نحو : هو يعطي الجزيل . وهذا التقوي بناء على ما أظهر من اليقين بالصفقة التي عاقد عليها وهو أدخل في التعجيب من حاله