وقوله : إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ يقول : حين دخل ضيف إبراهيم عليه ، فقالوا له سلاما : أي أسلموا إسلاما ، قال سلام .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة ، قال : سَلامٌ بالألف بمعنى قال : إبراهيم لهم سلام عليكم . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة «سِلْمٌ » بغير ألف ، بمعنى ، قال : أنتم سلم .
وقوله : قَوْمٌ مُنْكَرُونَ يقول : قوم لا نعرفكم ، ورفع «قوم منكرون » باضمار أنتم .
و : { سلاماً } منصوب على المصدر كأنهم قالوا : تسلم سلاماً ، أو سلمت سلاماً{[10604]} ، ويتجه فيه أن يعمل فيه { قالوا } على أن نجعل { سلاماً } بمنزلة قولاً . ويكون المعنى حينئذ أنهم قالوا تحية وقولاً معناه : { سلاماً } وهذا قول مجاهد .
وقوله : { سلام } مرتفع على خبر ابتداء . أي أمر { سلام } . أو واجب لكم { سلام } ، أو على الابتداء والخبر محذوف ، كأنه قال : سلام عليكم وإبراهيم عليه السلام قد حيا بأحسن لأن قولهم دعاء وقوله واجب قد تحصل لهم .
وقرأ ابن وثاب والنخعي وحمزة والكسائي وطلحة وابن جبير قال : «سِلْم » بكسر السين وسكون اللام . والمعنى نحن سلم وأنتم سلم .
وقوله : { قوم منكرون } معناه : لا نميزهم ولا عهد لنا بهم . وهذا أيضاً على تقدير : أنتم { قوم منكرون } وقال أبو العالية : أنكر سلامهم في تلك الأرض وفي ذلك الزمن .
ظرفُ { إذ دخلوا عليه } يتعلق ب { حديثُ } لما فيه من معنى الفعل ، أي خَبرهم حين دخلوا عليه .
وقوله : { فقالوا سلاماً قال سلام } تقدم نظيره في سورة هود . وقرأ الجمهور : { قال سلام } . وقرأه حمزة والكسائي { قال سِلْم } بكسر السين وسكون اللام .
وقوله : { قوم منكرون } من كلام إبراهيم . والظاهر أنه قاله خَفْتا إذ ليس من الإكرام أن يجاهرَ الزائر بذلك ، فالتقدير : هُم قوم منكرون .
والمنكر : الذي ينكره غيره ، أي لا يعرفه . وأطلق هنا على من ينكّر حاله ويظن أنه حال غيرُ معتاد ، أي يخشى أنه مضمِر سوء ، كما قال في سورة هود ( 70 ) { فلما رأى أيديهم لا تصِلُ إليه نَكرهم وأوجس منهم خِيفة } ومنه قول الأعشى :
وأنكرتني وما كان الذي نَكِرَتْ *** من الحوادث إلا الشيبَ والصَّلَعا
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ "يقول: حين دخل ضيف إبراهيم عليه، فقالوا له "سلاما": أي أسلِموا إسلاما، "قال سلام".
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة، قال: سَلامٌ بالألف بمعنى قال: إبراهيم لهم: سلام عليكم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة «سِلْمٌ» بغير ألف، بمعنى، قال: أنتم سلم.
وقوله: "قَوْمٌ مُنْكَرُونَ" يقول: قوم لا نعرفكم.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{إِذْ دَخَلُواْ...}... وأصله: نسلم عليكم سلاماً، وأمّا {سلام} فمعدول به إلى الرفع على الابتداء، وخبره محذوف، معناه: عليكم سلام، للدلالة على ثبات السلام، كأنه قصد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به، أخذا بأدب الله تعالى. وهذا أيضاً من إكرامه لهم.
{قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} أنكرهم للسلام الذي هو علم الإسلام. أو أراد: أنهم ليسوا من معارفه أو من جنس الناس الذين عهدهم، كما لو أبصر العرب قوماً من الخزر أو رأى لهم حالاً وشكلاً خلاف حال الناس وشكلهم، أو كان هذا سؤالاً لهم، كأنه قال: أنتم قوم منكرون، فعرّفوني من أنتم.
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :
{قوم منكرون} والذي يناسب حال إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه لا يخاطبهم بذلك، إذ فيه من عدم الإنس ما لا يخفى، بل يظهر أنه يكون التقدير: هؤلاء قوم منكرون. وقال ذلك مع نفسه، أو لمن كان معه من أتباعه وغلمانه بحيث لا يسمع ذلك الأضياف.
التفسير القيم لابن القيم 751 هـ :
ففي هذا الثناء على إبراهيم صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة:
أحدها: أنه وصف ضيفه بأنهم مكرمون. وهذا على أحد القولين: أنه بإكرام إبراهيم لهم،
والثاني: أنهم المكرمون عند الله. ولا تنافي بين القولين: فالآية تدل على المعنيين.
الثاني: قوله تعالى: {إذ دخلوا عليه} فلم يذكر استئذانهم. ففي هذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان قد عرف بإكرام الضيفان واعتياد قراهم. فصار منزله مضيفة مطروقا لمن ورده، لا يحتاج إلى الاستئذان، بل استئذان الداخل إليه دخوله. وهذا غاية ما يكون من الكرم.
الثالث: قوله: {سلام} بالرفع. وهم سلموا عليه بالنصب. والسلام بالرفع أكمل. فإنه يدل على الجملة الإسمية الدالة على الثبوت والتجدد، والمنصوب يدل على الفعلية الدالة على الحدوث والتجدد. فإبراهيم صلى الله عليه وسلم حياهم بتحية أحسن من تحيتهم. فإن قولهم: {سلاما} يدل على: سلمنا سلاما، وقوله: {سلام} أي سلام عليكم.
الرابع: أنه حذف المبتدأ من قوله: {قوم منكرون} فإنه لما أنكرهم ولم يعرفهم احتشم من مواجهتهم بلفظ ينفر الضيف لو قال: أنتم قوم مكرمون، فحذف المبتدأ هنا من ألطف الكلام.
الخامس: أنه بنى الفعل للمفعول، وحذف فاعله، فقال: {منكرون} ولم يقل: أني أنكركم. وهو أحسن في هذا المقام، وأبعد من التنفير والمواجهة بالخشونة...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والمنكر: الذي ينكره غيره، أي لا يعرفه. وأطلق هنا على من ينكّر حاله ويظن أنه حال غيرُ معتاد، أي يخشى أنه مضمِر سوء، كما قال في سورة هود (70) {فلما رأى أيديهم لا تصِلُ إليه نَكرهم وأوجس منهم خِيفة}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.