{ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ } أي : لا تنبغي العبادة والإنابة والذل والحب إلا له لأنه المألوه لما له من الصفات الكاملة والنعم الموجبة لذلك . { رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } الذي هو سقف المخلوقات ووسع الأرض والسماوات ، فهذا الملك عظيم السلطان كبير الشأن هو الذي يذل له ويخضع ويسجد له ويركع ، فسلم الهدهد حين ألقى إليه هذا النبأ العظيم وتعجب سليمان كيف خفي عليه .
وقوله : اللّهُ لا إلَهَ إلاّ هُوَ رَب العَرْشِ العَظِيمِ يقول تعالى ذكره : الله الذي لا تصلح العبادة إلا له ، لا إله إلا هو ، لا معبود سواه تصلح له العبادة ، فأخلصوا له العبادة ، وأفردوه بالطاعة ، ولا تشركوا به شيئا رَبّ العَرْشِ العَظِيمِ يعني بذلك : مالك العرش العظيم الذي كل عرش ، وإن عظم ، فدونه ، لا يُشبهه عرش ملكة سبأ ولا غيره .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : أحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ إلى قوله لا إلَه إلاّ هُوَ رَبّ العَرْشِ العَظِيمِ هذا كله كلام الهدهد .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"اللّهُ لا إلَهَ إلاّ هُوَ رَب العَرْشِ العَظِيمِ" يقول تعالى ذكره: الله الذي لا تصلح العبادة إلا له، لا إله إلا هو، لا معبود سواه تصلح له العبادة، فأخلصوا له العبادة، وأفردوه بالطاعة، ولا تشركوا به شيئا، "رَبّ العَرْشِ العَظِيمِ "يعني بذلك: مالك العرش العظيم الذي كل عرش، وإن عظم، فدونه، لا يُشبهه عرش ملكة سبأ ولا غيره.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{العرش العظيم} فإن قلت: كيف سوّى الهدهد بين عرش بلقيس وعرش الله في الوصف ب (العظيم)؟ قلت: بين الوصفين بون عظيم، لأنّ وصف عرشها بالعظم: تعظيم له بالإضافة إلى عروش أبناء جنسها من الملوك. ووصف عرش الله بالعظم: تعظيم له بالنسبة إلى سائر ما خلق من السموات والأرض..
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان هذا الوصف موجباً لأن يعبد سبحانه وحده، صرح بما يقتضيه في قوله؛ {الله} أي الملك الأعظم الذي لا كفوء له؛ ولما كان هذا إشارة إلى أنه لا سمي له، أتبعه التصريح بأنه لا كفوء له فقال: {لا إله إلا هو} ولما كان وصف عرشها بعظم ما، قال: {رب} أي مبدع ومدبر {العرش العظيم} أي الكامل في العظم الذي لا عظيم يدانيه، وهو محتو على جميع الأكوان، وقد ثبت أن صاحبه أعظم منه ومن كل عظيم بآية الكرسي وبغيرها، فقطع ذلك لسان التعنت عند ذكره مع مزيد اقتضاء السياق له لأنه للانفراد بالإلهية المقتضية للقهر والكبر...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
والهدهد إلى هذه اللحظة يقف موقف المذنب، الذي لم يقض الملك في أمره بعد؛ فهو يلمح في ختام النبأ الذي يقصه، إلى الله الملك القهار، رب الجميع، صاحب العرش العظيم، الذي لا تقاس إليه عروش البشر. ذلك كي يطامن الملك من عظمته الإنسانية أمام هذه العظمة الإلهية:
(الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم)..
فيلمس قلب سليمان -في سياق التعقيب على صنع الملكة وقومها- بهذه الإشارة الخفية!
ونجد أنفسنا أمام هدهد عجيب. صاحب إدراك وذكاء وإيمان، وبراعة في عرض النبأ، ويقظة إلى طبيعة موقفه، وتلميح وإيماء أريب.. فهو يدرك أن هذه ملكة وأن هؤلاء رعية. ويدرك أنهم يسجدون للشمس من دون الله. ويدرك أن السجود لا يكون إلا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض، وأنه هو رب العرش العظيم.. وما هكذا تدرك الهداهد. إنما هو هدهد خاص أوتي هذا الإدراك الخاص، على سبيل الخارقة التي تخالف المألوف.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ما قرأناه في هذا القسم من الآيات، فيه لطائف كثيرة ومسائل دقيقة، يمكن أن يكون لها كبير الأثر في حياة الناس وسياسة الحكومات جميعاً.
ـ فرئيس الحكومة أو المدير العام، ينبغي عليه أن يكون دقيقاً في دائرته أو تشكيلاته التنظيمية، بحيث يتابع حتى غياب الفرد الواحد ويتفقده!
ـ أن يراقب تخلف الفرد، وأن يتخذ الحكم الصارم، لكيلا يؤثر غيابه على الآخرين. 3 ـ لا ينبغي أن يُصدر حكماً غيابياً أبداً دون أن يمنح المتخلف الفرصة للدفاع عن نفسه، مع الإمكان.
ـ ينبغي أن يجعل لكل جريمة عقاباً مناسباً... وأن يكون العقاب بمقدار الذنب، وأن يراعي سلسلة مراتبه.
ـ أن على أي شخص ـ حتى لو كان أكبر الناس، أو بيده أعظم المسؤوليات والقدرة الاجتماعية ـ أن يذعن للمنطق والدليل حتى ولو صدر من فم أضعف الخلق!. 6 ـ ينبغي أن تحكم الصراحة في محيط المجتمع، وأن يتمتع أفراده بالحرية بحيث يستطيع الواحد منهم عند اللزوم أن يقول لرئيس الحكومة: (أحطت بما لم تُحط به)!
ـ من الممكن أن يكون أقل الأفراد على اطلاع ومعرفة، في حين أنّ أكبر العلماء وأصحاب النفوذ غير مطلعين، لكيلا يغتر أي إنسان بعلمه!
ـ في المجتمع البشري حاجات وضرورات متبادلة، بحيث قد يحتاج أكبر شخص فيه ـ كسليمان مثلا ـ إلى مساعدة أدنى شخص حتى ولو كان مثل الهدهد! 9 ـ بالرغم من أن في النساء قابليات كثيرة! وقصّة سليمان نفسها حاكية عن أن ملكة سبأ كانت تتمتع بدراية كبيرة وفهم عال، إلاّ أنّ قيادة الحكومة لا تتلاءم مع حالة المرأة وروحها وجسمها، بحيث يتعجب الهدهد من هذه المسألة ويقول: (إنّي وجدت امرأة تملكهم)!
ـ أغلب الناس على دين ملوكهم.. لذلك نقرأ في هذه القصّة أن الهدهد يقول في شأن الملكة وقومها: (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله).
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.