اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ۩} (26)

قوله تعالى : { الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ } هل هو من كلام الهدهد استدراكاً منه لمَّا وصف عرش بلقيس بالعظم ، أو من كلام الله تعالى رَدّاً عليه في وصفه عرشها بالعظم . والعامة على جر «العَظِيمِ » تابعاً للجلالة ، وابن محيصن{[38781]} ، بالرفع{[38782]} وهو يحتمل وجهين : أن يكون نعتاً للربّ ، وأن يكون مقطوعاً عن تبعيَّةِ «العرش » إلى الرفع بإضمار مبتدأ{[38783]} .

فصل :

دلّ قوله : { يُخْرِجُ الخبء فِي السماوات والأرض } ( على كمال القدرة ، وسمي المخبوء بالمصدر ليتناول جميع الأرزاق والأموال ، فدلَّ قوله : { وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ }{[38784]} على كمال العلم ، وإذا كان قادراً على كل المقدرات عالماً بكل المعلومات ، وجب{[38785]} أن يكون إلهاً ، والشمس ليست كذلك ، فلا تكون إلهاً ، وإذا لم تكن إلهاً ، لم تستحق العبادة{[38786]} . فإن قيل : إنَّ إبراهيم وموسى عليهما السلام{[38787]} قدما دلالة الأنفس على دلالة الآفاق ، فإِنَّ{[38788]} إبراهيم قال : { رَبِّيَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ } [ البقرة : 258 ] ، ثم قال{[38789]} : { فَإِنَّ الله يَأْتِي بالشمس مِنَ المشرق } [ البقرة : 258 ] ، وموسى - عليه السلام{[38790]} - قال { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائكم الأولين } [ الشعراء : 26 ] ، ثم قال : { رَبُّ المشرق والمغرب } [ الشعراء : 28 ] وههنا قدم خبأ السموات على خبء الأرض ، فجوابه ، أَن إبراهيم وموسى ناظرا من ادعى إلهية البشر ، فابتدءا بإبطال إلهية البشر ، ثم انتقلا إلى إلهية السماء ، وههنا الكلام مع{[38791]} من ادعى إلهية الشمس ، لقوله{[38792]} { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله } [ النمل : 24 ] فلا جرم ابتدأ بذكر السماويات ، ثم بالأرضيات{[38793]} .


[38781]:في ب: وابن عمر. وهو تحريف.
[38782]:المختصر (109)، البحر المحيط 7/70، الإتحاف (336).
[38783]:وعليه تستوي قراءته وقراءة الجمهور في المعنى. انظر البحر المحيط 7/70.
[38784]:ما بين القوسين سقط من الأصل.
[38785]:في ب: ويجب.
[38786]:انظر الفخر الرازي 24/192.
[38787]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[38788]:في ب: قال.
[38789]:في ب: أن.
[38790]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[38791]:في ب: بسع. وهو تحريف.
[38792]:في النسختين: رأيتها. والصواب ما أثبته.
[38793]:انظر الفخر الرازي 24/192-193.