معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمۡحَقَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (141)

قوله تعالى : { وليمحص الله الذين آمنوا } . أي يطهرهم من الذنوب .

قوله تعالى : { ويمحق الكافرين } . يفنيهم ويهلكهم ، معناه أنهم إن قتلوكم فهو تطهير لكم وإن قتلتموهم فهو محقهم واستئصالهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمۡحَقَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (141)

{ وليمحص الله الذين آمنوا } : وهذا أيضا من الحكم أن الله يمحص بذلك المؤمنين من ذنوبهم وعيوبهم ، يدل ذلك على أن الشهادة والقتال في سبيل الله يكفر الذنوب ، ويزيل العيوب ، وليمحص الله أيضا المؤمنين من غيرهم من المنافقين ، فيتخلصون منهم ، ويعرفون المؤمن من المنافق ، ومن الحكم أيضا أنه يقدر ذلك ، ليمحق الكافرين ، أي : ليكون سببا لمحقهم واستئصالهم بالعقوبة ، فإنهم إذا انتصروا ، بغوا ، وازدادوا طغيانا إلى طغيانهم ، يستحقون به المعاجلة بالعقوبة ، رحمة بعباده المؤمنين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمۡحَقَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (141)

ثم ذكر - سبحانه - حكمتين أخريين لما جرى للمؤمنين فى غزوة أحد فقال : { وَلِيُمَحِّصَ الله الذين آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الكافرين } .

وقوله : { وَلِيُمَحِّصَ } من المحص بمعنى التنقية والتخليص . يقال : محصت الذهب بالنار ومحصته إذا أزلت عنه ما يشوبه من خبث .

أو من التمحيص بمعنى الابتلاء والاختبار .

وقوله : { وَيَمْحَقَ } من المحق وهو محو الشىء والذهاب به ، وأصله نقص الشىء قليلا قليلا حتى يفنى . يقال : محق فلان هذا الطعام إذا نقصه حتى أفناه ومنه المحاق ، لأخر الشهر ، لأن الهلال يبلغ أقصى مدى النقصان فيختفى .

والمعنى : ولقد فعل - سبحانه - ما فعل فى غزوة أحد ، لكى يطهر المؤمنين ويصفيهم من الذنوب ، ويخلصهم من المنافقين المندسين بينهم ، ولكى يهلك الكافرين ويمحقهم بسبب بغيهم وبطرهم .

فأنت ترى أن الله - تعالى - قد ذكر اربع حكم لما حدث للمؤمنين فى غزوة أحد وهيى : تحقق علم الله - تعالى - وإظهاره للمؤمنين ، وإكرام بعضهم بالشهادة التى توصل صاحبها إلى أعلى الدرجات ، وتطهير المؤمنين وتخليصهم من ذنوبهم ومن المنافقين ، ومحق الكافرين واستئصالهم رويدا رويدا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمۡحَقَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (141)

ثم أخبر تعالى : أن إدالته الكفار على المؤمنين إنما هي { ليمحص } المؤمنين ، وأن إدالة المؤمنين على الكفار إنما هي لمحق الكفار ، هذا مقتضى ألفاظ الآية ، وقد قال ابن عباس وغيره : جعل الله الدولة لرسوله يوم بدر ، وعليه يوم أحد وذهب كثير من أهل العلم إلى العبارة عن إدالة المؤمنين بالنصر ، وعن إدالة الكفار بالإدالة ، وروي في ذلك عن النبي عليه السلام حديث : إنهم يدالون كما تنصرون ، و «التمحيص » : التنقية . قال الخليل : التمحيص من العيب يقال : محص الحبل إذا زال عنه بكثرة مره على اليد زئبره وامّلس هكذا ساق الزجّاج اللفظة «الحبل » ورواها النقاش محص الجمل : إذا زال عنه وبره وامّلس ، وقال حنيف الحناتم ، وقد ورد ماء يقال له طويلع{[3570]} : إنك لمحص الرشاء ، بعيد المستقى ، مطل على الأعداء ، فالمعنى : إنه لبعده يلمس حبله بالطين الحر ومد الأيدي ، فمعنى الآية : أن الله يمحص المؤمنين إذا أدال عليهم ، بأنه ينقي المتشهدين من ذنوبهم ، وينقي الأحياء من منافقهم إذ يميزهم ، وأنه { يمحق الكافرين } إذا نصر عليهم أي ينقصهم والمحق : الذهاب شيئاً شيئاً ، ومنه محاق القمر .


[3570]:- حنيف الحناتم رجل من بني تيم اللات، وأحد بني حنتم، ابن عدي بن الحارث بن تيم اللات من ثعلبة- وفي المثال: "آبل من حنيف الحناتم". ومن كلام حنيف الدال على إبالته قوله: "من قاظ الشرف، وتربّع الحزن، وتشتى الصمان فقد أصاب المرعى" (مجمع الأمثال 1/86) والتاج على القاموس في مادة (أبل) وإبالة الرجل: حسن رعايته للإبل، وأبلت الإبل: استغنت عن الماء بالكلأ الرطب. وطويلع: ماء لبني تيم ثم لبني يربوع منهم، قال أبو منصور: هو ركية عادية بالشواجن عذبة الماء قريبة الرشاء. قال السكوني: قال شيخ من الأعراب لآخر: فهل وجدت طويلعا، أما والله إنه لطويل الرشاء، بعيد العشاء، مشرف على الأعداء. (معجم البلدان 6/ 73).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمۡحَقَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (141)

التَّمحيص : التنقية والتخليص من العيوب .

والمحق : الإهلاك . وقد جعل الله تعالى مسّ القرح المؤمنين والكفار فاعلاً فِعلاً واحداً : هو فضيلة في جانب المؤمنين ، ورزّية في جانب الكافرين ، فجعله للمؤمنين تمحيصاً وزيادة في تزكية أنفسهم ، واعتباراً بمواعظ الله تعالى ، وجعله للكافرين هلاكاً ، لأنّ ما أصابهم في بدر تناسوه ، وما انتصروه في أحُد يزيدهم ثقة بأنفسهم فيتواكلون ؛ يظنون المسلمين قد ذهب بأسهم ، على أنّ المؤمنين في ازدياد ، فلا ينقصهم من قُتل منهم ، والكفّار في تناقض فمن ذهب منهم نفد . وكذلك شأن المواعظ والنذر والعبر قد تكسب بعض النُّفوس كمالاً وبَعْضها نقصاً قال أبو الطيب :

فحُبّ الجبان العيش أورده التُّقى *** وحبّ الشجاع العيش أورده الحربا

ويختلف القصدَان والفعل واحد *** إلى أن نَرى إحسانَ هذا لنا ذنبــا

وقال تعالى : { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم } [ التوبة : 124 ، 125 ] ، وقال : { وننزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً } [ الإسراء : 82 ] وهذا من بديع تقدير الله تعالى .