إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمۡحَقَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (141)

وقوله تعالى : { وَلِيُمَحّصَ الله الذين آمَنُوا } أي ليُصَفِّيَهم ويُطهرَهم من الذنوب ، عطفٌ على يتخذ ، وتكريرُ اللامِ لتذكير التعليلِ لوقوع الفصلِ بينهما بالاعتراض ، وإظهارُ الاسمِ الجليلِ في موقع الإضمارِ لإبراز مزيدِ الاعتناءِ بشأن التمحيصِ ، وهذه الأمورُ الثلاثة عللٌ للمداولة المعهودةِ باعتبار كونِها على المؤمنين قُدِّمت في الذكر لأنها المحتاجةُ إلى البيان . ولعل تأخيرَ العلةِ الأخيرةِ عن الاعتراض لئلا يُتوَهَّمَ اندراجُ المذنبين في الظالمين ، أو ليقترِنَ بقوله عز وجل : { وَيَمْحَقَ الكافرين } فإن التمحيصَ فيه محوُ الآثارِ وإزالةُ الأوضارِ كما أن المَحْقَ عبارةٌ عن النقض والإذهابِ . قال المفضِّلُ : هو أن يذهبَ الشيءُ بالكلية حتى لا يرى منه شيءٌ ومنه قولُه تعالى : { يَمْحَقُ الله الربا } [ البقرة ، الآية 276 ] أي يستأصله وهذه علة للمداولة باعتبار كونها على الكافرين والمرادُ بهم الذين حاربوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يومَ أحُدٍ وأصرّوا على الكفر وقد محقَهم الله عز وجل جميعاً .