{ 8-9 } { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا }
أي : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ } أيها الرسول الكريم { شَاهِدًا } لأمتك بما فعلوه من خير وشر ، وشاهدا على المقالات والمسائل ، حقها وباطلها ، وشاهدا لله تعالى بالوحدانية والانفراد بالكمال من كل وجه ، { وَمُبَشِّرًا } من أطاعك وأطاع الله بالثواب الدنيوي والديني والأخروي ، ومنذرا من عصى الله بالعقاب العاجل والآجل ، ومن تمام البشارة والنذارة ، بيان الأعمال والأخلاق التي يبشر بها وينذر ، فهو المبين للخير والشر ، والسعادة والشقاوة ، والحق من الباطل .
ثم حدد الله - تعالى - الوظيفة التى كلف بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبشر المؤمنين الذين وفوا بعهودهم بالأجر العظيم فقال : { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً . . . فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } .
وقوله : { مُبَشِّراً } من التبشير ، وهو الإِخبار بالأمر السار لمن لا علم له بهذا الأمر .
وقوله : { وَنَذِيراً } من الإِنذار ، وهو الإِخبار بالأمر المخيف ، لكى يجتنب ويحذر .
أى : { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ } - أيها الرسول الكريم - إلى الناس ، لتكون { شَاهِداً } لمن آمن منهم بالإِيمان ، ولمن كفر منهم بالكفر ، بعد أن بلغتهم رسالة ربك تبليغا تاما كاملا .
ولتكون { مُبَشِّراً } للمؤمنين منهم برضا الله عنهم ومغفرته لهم { وَنَذِيراً } للكافرين وللعصاة بسوء المصير إذا ما استمروا على كفرهم وعصيانهم .
والحكمة فى جعله - صلى الله عليه وسلم - شاهدا مع أن الله - تعالى - لا يخفى عليه شئ : إظهار العدل الإِلهى للناس فى صورة جلية واضحة ، وتكريم النبى - صلى الله عليه وسلم - بهذه الشهادة .
وجمع - سبحانه - بين كونه - صلى الله عليه وسلم - { مُبَشِّراً وَنَذِيراً } لأن من الناس من ينفعه الترغيب فى الثواب ، ومنهم من لا يزجره إلى التخويف من العقاب . وانتصاب { شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } على الحال المقدرة .
وفى معنى هذه الآية وردت آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى - : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً . . } وقوله - سبحانه - { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً على هؤلاءآء . . . } وقوله - عز وجل - : { ياأيها النبي إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً }
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً * لّتُؤْمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزّرُوهُ وَتُوَقّرُوهُ وَتُسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إنّا أرْسَلْناكَ يا محمد شاهِدا على أمتك بما أجابوك فيما دعوَتهم إليه ، مما أرسلتك به إليهم من الرسالة ، ومُبَشّرا لهم بالجنة إن أجابوك إلى ما دعوتهم إليه من الدين القيّم ، ونذيرا لهم عذاب الله إن هم تولّوْا عما جئتهم به من عند ربك .
من جعل الشاهد محصل الشهادة من يوم يحصلها ، فقوله : { شاهداً } حال واقعة . ومن جعل الشاهد مؤدي الشهادة ، فهي حال مستقبلة . وهي التي يسميها النحاة المقدرة ، المعنى : { شاهداً } على الناس بأعمالهم وأقوالهم حين بلغت إليهم الشرع { ومبشراً } معناه : أهل الطاعة برحمة الله { ونذيراً } معناه : أهل الكفر تنذرهم من عذاب الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.