{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ( 8 ) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ( 9 ) } .
{ إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا } والآية التي تليها
قرئت ضمائر الأفعال في الآية الثانية بالتاء للمخاطب كما قرئت بالياء للغائب ، وقال المفسرون : في الحالة الثانية تكون الآية موجهة إلى الناس . وروح الآية والسياق والمقام يلهم أنها موجهة إلى المسلمين بخاصة وتكون قراءتها بالتاء هو الأوجه ، وهو المشهور أما ضمير المفعول في أفعال الآية فقيل : إنه عائد للرسول صلى الله عليه وسلم ، وقيل إنه عائد لله ، ومع أن الضمير يعود للأقرب وهو الرسول فإن فعل { وتسبحوه } يثير إشكالا في صرفه إلى الرسول وقد قال الذين صرفوا الضمائر إلى الرسول : إن الكلام ينتهي عند { وتوقروه } ثم يبدأ من جديد في فقرة { وتسبحوه } وتكون مصروفة إلى الله{[1931]} وفي هذا تكلف فيما نراه . والوجه الذي يتبادر لنا أنه الصواب إن شاء الله هو أن الضمائر راجعة إلى الله ودينه . والآية الأولى قد تلهم هذا ؛ حيث تقرر أن الله إنما أرسل رسوله شاهدا ومبشرا ونذيرا .
والمتبادر أن الآيتين جاءتا على سبيل التعقيب على ما سبق فاحتوتا تقرير واجب النبي صلى الله عليه وسلم وواجب المسلمين . وكلاهما كان موضوع خطاب في الآيات السابقة . وهذا ما يسوغ القول : إنهما استمرار للسياق . وقد استهدفتا كما تلهم روحهما وبخاصة الآية الثانية منهما توكيد واجب المسلمين بنصرة دين الله ورسوله والخضوع لأوامرهما والوقوف عنده وتوكيد كون الله إنما أرسل رسوله شاهدا عليهم ومبشرا ونذيرا لهم وأن ما فعله قد فعله بإلهام الله تعالى ووحيه .
ولقد وردت جملة مماثلة للجملة الأولى في سورة الأحزاب ، وقد جاءت بعد مسألة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بمطلقة ابنه بالتبني التي ذكرنا احتمال وقوع تشويش واستغراب في صددها ، فأريد بالآية التنبيه إلى عظم قدر النبي وكونه المبشر المنذر من الله ووجوب التسليم بما ينقله بإلهام الله ومقتضى حكمته ، وجاءت هنا في مناسبة ما ثار في نفوس المؤمنين من مضض من شروط الحديبية ، فاقتضت الحكمة تكرارها للمقصد ذاته بسبب تكرار الموقف ، وإن اختلف الأشخاص والأحداث فيه ، والله تعالى أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.