ولكن موسى - عليه السلام - لم يمهلهم حتى يردوا على فرعون بل أكد لهم وحدانية الله - تعالى - وهيمنته على هذا الكون { قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ الأولين }
أى : ربنا الذى هو رب السموات والأرض وما بينهما ، هو ربكم أنتم - أيضا - وهو رب آبائكم الأولين ، فكيف تتركون عبادته ، وتعبدون عبدا من عباده ومخلوقا من مخلوقاته هو فرعون ؟
ولم يلبث موسى أن هجم عليه وعليهم بصفة أخرى من صفات رب العالمين .
( قال : ربكم ورب آبائكم الأولين ) . .
وهذه أشد مساسا بفرعون ودعواه وأوضاعه ، فهو يجبهه بأن رب العالمين هو ربه ، فما هو إلا واحد من عبيده . لا إله كما يدعي بين قومه ! وهو رب قومه ، فليس فرعون ربهم كما يزعم عليهم ! وهو رب آبائهم الأولين . فالوراثة التي تقوم عليها ألوهية فرعون دعوى باطلة . فما كان من قبل إلا الله ربا للعالمين !
كلام موسى هذا في معرض الجواب عن تعجب فرعون من سكوت من حوله فلذلك كانت حكايته قوله على الطريقة التي تحكى بها المقاولات . ولما كان في كلام فرعون إعراض عن مخاطبة موسى إذ تجاوزه إلى مخاطبة من حوله ، وجَّه موسى خطابه إلى جميعهم ، وإذ رأى موسى أنهم جميعاً لم يهتدوا إلى الاقتناع بالاستدلال على خلق الله العوالم الذي ابتدأ به هو أوسع دلالةٍ على وجود الله تعالى ووحدانيته إذ في كل شيء مما في السموات والأرض وما بينهما آية تدل على أنه واحد ، فنزل بهم إلى الاستدلال بأنفسهم وبآبائهم إذ أوجدهم الله بعد العدم ثم أعدم آباءهم بعد وجودهم ؛ لأن أحوال أنفسهم وآبائهم أقرب إليهم وأيسر استدلالاً على خالقهم ، فالاستدلال الأول يمتاز بالعموم ، والاستدلال الثاني يمتاز بالقرب من الضرورة ، فإن كثيراً من العقلاء توهموا السموات قديمة واجبة الوجود ، فأما آباؤهم فكثير من السامعين شهدوا انعدام كثير من آبائهم بالموت ، وكفى به دليلاً على انتفاء القِدم الدالِّ على انتفاء الإلهية .
وشمل عموم الآباء بإضافته إلى الضمير وبوصفه بالأوَّلِين بعضَ من يزعمونهم في مرتبة الآلهة مثل الفراعنة القدماء الملقّبين عندهم بأبناء الشَّمس ، والشمس معدودة في الآلهة ويمثلها الصنم « آمون رع » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.