معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

{ كلا } ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر . وقال مقاتل : أي لا يفعلون ما أمروا به في اليتيم ، وإطعام المسكين ، ثم أخبر عن تلهفهم على ما سلف منهم حين لا ينفعهم ، فقال عز من قائل : { إذا دكت الأرض دكاً دكا } مرة بعد مرة ، وكسر كل شيء على ظهرها من جبل وبناء وشجر ، فلم يبق على ظهرها شيء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

{ 21 - 30 } { كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ * يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي }

{ كَلَّا } أي : ليس [ كل ] ما أحببتم من الأموال ، وتنافستم فيه من اللذات ، بباق لكم ، بل أمامكم يوم عظيم ، وهول جسيم ، تدك فيه الأرض والجبال وما عليها حتى تجعل قاعًا صفصفًا لا عوج فيه ولا أمت .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

وبعد هذا الزجر والردع لهم ، لسوء أقوالهم وأفعالهم ، أخذت السورة الكريمة فى زجرهم وردعهم عن طريق تذكيرهم بأهوال الآخرة فقال : - تعالى - : { كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً } . وقوله - تعالى - : { كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً } ردع لهم وزجر عن أفعالهم السابقة ، وهى عدم إكرام اليتيم ، وعدم الحض على طعام المسكين .

وقوله : { دُكَّتِ الأرض } من والدك : بمعنى الكسر والدق والزلزلة الشديدة ، والتحطيم الجسيم ، وانتصب لفظ " دكا " الأول على أنه مصدر مؤكد للفعل ، وانتصاب الثانى على أنه تأكيد الأول . وقيل : تكرار " دكا " للدلالة على الاستيعاب ، كقولك : قرأت النحو بابا بابا ، أى : قرأته كله .

قال القرطبى : قوله - تعالى - : { كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأرض . . } أى : ما هكذا ينبغى أن يكون الأمر . فهو رد لانكبابهم على الدنيا ، وجميعهم لها ، فإن من فعل ذلك يندم يوم تدك الأرض ، ولا ينفعه الندم ، والدك .

الكسر والدق ، أى : زلزلت وحركت تحريكا بعد تحريك .

وقوله : { دَكّاً دَكّاً } أى : مرة بعد مرة ، زلزلت فكسر بعضها بعضا فتكسر كل شئ على ظهرها . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

وعند هذا الحد من فضح حقيقة حالهم المنكرة ، بعد تصوير خطأ تصورهم في الابتلاء بالمنع والعطاء ، يجيء التهديد الرعيب بيوم الجزاء وحقيقته ، بعد الابتلاء ونتيجته ، في إيقاع قوي شديد :

" كلا . إذا دكت الأرض دكا دكا . وجاء ربك والملك صفا صفا . وجيء يومئذ بجهنم . يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ؟ يقول : يا ليتني قدمت لحياتي . فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد " . .

ودك الأرض ، وتحطيم معالمها وتسويتها ؛ وهو أحد الانقلابات الكونية التي تقع في يوم القيامة . فأما مجيء ربك والملائكة صفا صفا ، فهو أمر غيبي لا ندرك طبيعته ونحن في هذه الآرض . ولكنا نحس وراء التعبير بالجلال والهول . كذلك المجيء بجهنم . نأخذ منه قربها منهم وقرب المعذبين منها وكفى . فأما حقيقة ما يقع وكيفيته فهي من غيب الله المكنون ليومه المعلوم .

إنما يرتسم من وراء هذه الآيات ، ومن خلال موسيقاها الحادة التقسيم ، الشديدة الأسر ، مشهد ترجف له القلوب ، وتخشع له الأبصار . والأرض تدك دكا دكا !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة ، فقال : { كَلا } أي : حقا { إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا } أي : وطئت ومهدت وسويت الأرض والجبال ، وقام الخلائق من قبورهم لربهم ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

كلا ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم وما بعده وعيد عليه إذا دكت الأرض دكا دكا إي دكا بعد دك حتى صارت منخفضة الجبال والتلال أو هباء منبثا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

كَلاّ : ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر . ثم أخبر جلّ ثناؤه عن ندمهم على أفعالهم السيّئة في الدنيا ، وتلهّفهم على ما سلف منهم حين لا ينفعهم الندم ، فقال جلّ ثناؤه : "إذَا دُكّت الأرْضُ دَكّا دكّا" يعني : إذا رجت وزُلزلت زلزلة ، وحرّكت تحريكا بعد تحريك ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ كلا } حرف ردع وتنبيه ؛ فمنهم من رد هذا الردع إلى قوله تعالى : { ربي أكرمن } و { ربي أهانن } فكأنه يقول : كلا ، ليست هذه الدار دار جزاء ، فتكون الإهانة والإكرام بحق الجزاء ، وإنما هي دار محنة وابتلاء . ومنهم من حمله على الابتداء ، فقال : { كلا إذا دكت الأرض دكا دكا } ... يخبر عن مذمة من ترك الإكرام لليتيم ، وترك إطعام المسكين والحض عليه ، إذا دكت الأرض ، أي دقت ، وكسرت ، وذلك يوم الحساب والبعث . ...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

معناه التهديد والوعيد الشديد أي حقا إذا دكت الأرض ... فالدك: حط المرتفع بالبسط...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم . ثم أتى بالوعيد وذكر تحسرهم على ما فرّطوا فيه حين لا تنفع الحسرة ؛ ويومئذ بدل من { إِذَا دُكَّتِ الأرض } ...

{دَكّاً دَكّاً } دكا بعد دك ... أي : كرّر عليها الدك حتى عادت هباء منبثا . ...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ردا على أفعالهم هذه وتوطئة للوعيد، أي سترون أن أفعالكم ليست على قوام إذا دكت الأرض، ودكها تسويتها بذهاب جبالها ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

أي لا ينبغي أن يكون الأمر هكذا في الحرص على الدنيا وقصر الهمة والجهاد على تحصيلها والاتكال عليها وترك المواساة منها وجمعها من حيث تتهيأ من حل أو حرام ، وتوهم أن لا حساب ولا جزاء . فإن من كان هذا حاله يندم حين لا تنفعه الندامة ويتمنى أن لو كان أفنى عمره في التقرب بالأعمال الصالحة والمواساة من المال إلى الله تعالى ، ثم بين أنه إذا جاء يوم موصوف بصفات ثلاثة، فإنه يحصل ذلك التمني وتلك الندامة ؛

الصفة الأولى : من صفات ذلك اليوم قوله : { إذا دكت الأرض دكا دكا } قال الخليل : الدك كسر الحائط والجبل.....واعلم أن التكرار في قوله : { دكا دكا } معناه دكا بعد دك ... واعلم أن هذا التدكدك لابد وأن يكون متأخرا عن الزلزلة ، فإذا زلزلت الأرض زلزلة بعد زلزلة وحركت تحريكا بعد تحريك انكسرت الجبال التي عليها وانهدمت التلال وامتلأت الأغوار وصارت ملساء ، وذلك عند انقضاض الدنيا، وقد قال تعالى : { يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة } وقال : { وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة } وقال : { إذا رجت الأرض رجا ، وبست الجبال بسا } . ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وعند هذا الحد من فضح حقيقة حالهم المنكرة ، بعد تصوير خطأ تصورهم في الابتلاء بالمنع والعطاء ، يجيء التهديد الرعيب بيوم الجزاء وحقيقته ، بعد الابتلاء ونتيجته ، في إيقاع قوي شديد :

" كلا . إذا دكت الأرض دكا دكا . وجاء ربك والملك صفا صفا . وجيء يومئذ بجهنم . يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ؟ يقول : يا ليتني قدمت لحياتي . فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد " . .

ودك الأرض ، وتحطيم معالمها وتسويتها ؛ وهو أحد الانقلابات الكونية التي تقع في يوم القيامة . فأما مجيء ربك والملائكة صفا صفا ، فهو أمر غيبي لا ندرك طبيعته ونحن في هذه الأرض . ولكنا نحس وراء التعبير بالجلال والهول . كذلك المجيء بجهنم . نأخذ منه قربها منهم وقرب المعذبين منها وكفى . فأما حقيقة ما يقع وكيفيته فهي من غيب الله المكنون ليومه المعلوم .

إنما يرتسم من وراء هذه الآيات ، ومن خلال موسيقاها الحادة التقسيم ، الشديدة الأسر ، مشهد ترجف له القلوب ، وتخشع له الأبصار . والأرض تدك دكا دكا !

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{ إِذَا دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً } . استئناف ابتدائي انْتُقل به من تهديدهم بعذاب الدنيا الذي في قوله : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد } [ الفجر : 6 ] الآيات إلى الوعيد بعذاب الآخرة . فإن استخفوا بما حلّ بالأمم قبلهم أو أمهلوا فأخر عنهم العذاب في الدنيا فإن عذاباً لا محيص لهم عنه ينتظرهم يوم القيامة حين يتذكّرون قَسْراً فلا ينفعهم التذكر ، ويندمون ولات ساعةَ مندم . ...