فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

ثم كرّر سبحانه الردع لهم والزجر فقال : { كَلاَّ } أي ما هكذا ينبغي أن يكون عملكم ، ثم استأنف سبحانه فقال : { إِذَا دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً } وفيه وعيد لهم بعد الردع والزجر ، والدكَّ : الكسر والدق . والمعنى هنا : أنها زلزلت وحركت تحريكاً بعد تحريك . قال ابن قتيبة : دكت جبالها حتى استوت . قال الزجاج : أي تزلزلت فدكّ بعضها بعضاً . قال المبرّد : أي بسطت وذهب ارتفاعها . قال والدك : حط المرتفع بالبسط ، وقد تقدّم الكلام على الدك في سورة الأعراف ، وفي سورة الحاقة ، والمعنى : أنها دكت مرة بعد أخرى ، وانتصاب { دكاً } الأوّل على أنه مصدر مؤكد للفعل ، و { دكاً } الثاني تأكيد للأوّل . كذا قال ابن عصفور . ويجوز أن يكون النصب على الحال : أي حال كونها مدكوكة مرة بعد مرة ، كما يقال : علمته الحساب باباً باباً ، وعلمته الخط حرفاً حرفاً . والمعنى : أنه كرّر الدك عليها حتى صارت هباء منبثاً .

/خ30