اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

قوله : { كَلاَّ } : ردعٌ لهم عن ذلك ، وإنكار لفعلهم ، أي : ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر ، فهو ردع لانكبابهم على الدنيا وجمعهم لها .

قوله : { إِذَا دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً } . في «دكّاً » وجهان :

أحدهما : أنه مصدر مؤكد ، و«دَكًّا » الثاني : تأكيد للأول ، تأكيداً لفظياً . كذا قاله ابن عصفورٍ وليس المعنى على ذلك .

والثاني : أنه نُصِبَ على الحال ، والمعنى : مكرراً عليها الدَّكُّ ، ك «علمته الحساب باباً باباً » ، وهذا ظاهر قول الزمخشري{[60165]} .

وكذلك : «صفًّا صفًّا » حال أيضاً ، أي : مصطفين ، أو ذوي صفوف كثيرة .

قال الخليل : الدَّكُّ : كسر الحائط والجبل والدكداك : رمل متلبّد . ورجل مدك : أي شديد الوطء على الأرض . [ فمعنى الدك على قول الخليل : كسر شيء على وجه الأرض من جبل أو حجر حين زلزلت فلم يبق على شيء ]{[60166]} .

وقال المبرد : الدَّكُّ : حطُّ المرتفع من الأرض بالبسط ، واندك سنام البعير : إذا انفرش في ظهره ، وناقة دكاء كذلك ، ومنه الدكان لاستوائه في الانفراش ، فمعنى الدك على قول الخليل : كسر الشيء على وجه الأرض من جبل أو حجر حين زلزلت ، فلم يبق على ظهرها شيء ، وعلى قول المبرد ، معناه : أنها استوت في الانفراش ، فذهب دورها ، وقصورها ، حتى صارت كالصخرة الملساء ، وهذا معنى قول ابن عباس ، وابن مسعود رضي الله عنهم : تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم{[60167]} .

قال ابنُ الخطيبِ{[60168]} : وهذا التَّدكُّكُ لا بد وأن يكون متأخراً عن الزلزلة [ فإذا زلزلت الأرض زلزلة ] بعد زلزلة ، فتكسر الجبال ، وتنهدم ، وتمتلئ الأغوار ، وتصير ملساء ، وذلك عند انقضاء الدنيا .


[60165]:ينظر: الكشاف 4/751.
[60166]:ثبت في أ مكان هذه العبارة ما يلي: والدكداك رمل متلبد، ورجل مدك: شديد الوطء على الأرض.
[60167]:ينظر : تفسير القرطبي (20/37).
[60168]:ينظر: الفخر الرازي 31/158.