نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

ولما كان السياق هادياً إلى أن التقدير : يحسبون أن ذلك يوفر أموالهم ويحسن أحوالهم ويصلح بالهم ، زجر عنه بمجامع الزجر فقال : { كلا } أي ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر ، ثم استأنف ذكر ما يوجب ندمهم وينبههم من رقدتهم ويعرفهم أن حب المال لا يقتضي نموه ، ولو اقتضى نموه ما اقتضى إيجابه للسعادة فقال : { إذ دكت الأرض } أي حصل دكها ورجها وزلزلتها لتسويتها فتكون كالأديم الممدود بشدة المط لا عوج فيها بوجه ، وأشار بالبناء للمفعول إلى سهولة ذلك لأن الأمر عظيم لعظمة الفاعل الحق ، ولذلك قال : { دكاً دكاً * } أي مكرراً بالتوزيع على كل موضع ذاتٍ فيها ، فيكون لكل جبل وأكمة وثنية وعقبة دك يخصه على حدته ليفيد ذلك أنه دك مبالغ فيه فتصير جبالها وأكمامها هباءً منثوراً ثم تستوي حتى لا يكون فيها شيء من عوج ، وهو كناية عن زلازل عظيمة لا تحملها الجبال الرواسي فيكف بغيرها .