تفريع عَلى مجموع قصتي ثمود وعاد ، فهو فذلكة لما فصل من حال إهلاكهما ، وذلك من قبيل الجمع بعد التفريق ، فيكون في أول الآية جمع ثم تفريق ثم جمع وهو كقوله تعالى : { وأنه أهلك عاداً الأولى وثموداً فما أبقى } [ النجم : 5051 ] أي فما أبقاهما .
والباقية : إما اسم فاعل على بابه ، والهاء : إما للتأنيث بتأويل نفس ، أي فما ترى منهم نفس باقية أو بتأويل فرقة ، أي ما ترى فرقة منهم باقية .
ويجوز أن تكون { باقية } مصدراً على وزن فَاعلة مثل ما تقدم في الحاقة ، أي فما ترى لهم بقاء ، أي هلكوا عن بكرة أبيهم .
واللام في قوله : { لهم } يجوز أن تجعل لشبه الملك ، أي باقية لأجل النفع .
ويجوز أن يكون اللام بمعنى ( مِن ) مثل قولهم : سمعت له صراخاً ، وقول الأعشى :
تسمَع للحلي وسواساً إذا انصرفت *** كما استعانَ بريح عِشْرقٌ زَجِلُ
ونحن لكم يومَ القيامة أفضل *** أي ونحن منكم أفضل .
ويجوز أن تكون اللام التي تنوى في الإِضافة إذا لم تكن الإِضافة على معنى ( من ) . والأصل : فهل ترى باقيتَهم ، فلما قصد التنصيص على عموم النفي واقتضى ذلك جلب ( مِن ) الزائدة لزم تنكير مدخول ( من ) الزائدة فأعطي حقُّ معنى الإِضافة بإظهار اللام التي الشأن أن تنوى كما في قوله تعالى : { بعثنا عليكم عباداً لنا } [ الإسراء : 5 ] فإن أصله : عبادنا .
وموقع المجرور باللام في موقع النعت ل { باقية } قُدم عليها فصار حالاً .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فهل ترى يا محمد لعاد قوم هود من بقاء.
وقيل: عُنِي بذلك: فهل ترى منهم باقيا. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من البصريين يقول: معنى ذلك: فهل ترى لهم من بقية.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
فيه أنه لم يبق لهم نسل يذكرون بهم، بل أهلكوا بأجمعهم، وانقطع عنهم الذكر إلا بالسوء، وإلا كان يرى لهم باقية. ففيه أنهم استأصلوا، وعم العذاب الكبير والصغير، يخوف أهل مكة بما يخبرهم عما فعل بأولئك...
وفيه إخبار أنهم عذبوا بعذاب، لا رحمة فيه، وهكذا سنة الله تعالى في مكذبي الرسل من قبل،... ويشبه أن يكون هذا جواب قولهم: إن محمدا صنبور، أي ليس له ولد، يبقي نسله أو ذكره، وأخبر تعالى أن كثرة الأولاد، لا تغني من الله شيئا، إذ قد كانت لهم أهالي وأولادا، فأهلكوا عن آخرهم، وانقطع التناسل منهم، ليعلموا أنه قد يبقى ذكر من أطاع الله ورسوله، كان ثم أولاد أو لم يكن، والله أعلم...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ثم وقف تعالى على أمرهم توقيف اعتبار ووعظ بقوله: {فهل ترى لهم من باقية}
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان هذا أمراً رائعاً لمن له أدنى معقول، وكان الاستفهام مما يزيد الروعة، قال مسبباً عن استئصالهم ليكون الإخبار به المستلزم لغاية العلم بالجزئيات كالدعوى بدليلها: {فهل ترى} أي أيها المخاطب الخبير بالناس في جميع الأقطار {لهم} أي خصوصاً، وأعرق في النفي وعبر بالمصدر الملحق بالهاء مبالغة فقال: {من باقية} أي بقاء أو نفس موصوفة بالبقاء، وأنجى الله سبحانه وتعالى صالحاً عليه السلام ومن آمن به من بين ثمود ولم تضرهم الطاغية وهوداً عليه السلام ومن آمن به من بين عاد لم يهلك منهم أحد، فدل ذلك دلالة واضحة على أن له تعالى تمام العلم بالجزئيات كما أن له كمال الإحاطة بالكليات وعلى قدرته واختياره وحكمته، فلا يجعل المسلم أصلاً كالمجرم ولا المسيء كالمحسن.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
نعم لم يبق اليوم أي أثر لقوم عاد، بل حتّى مدنهم العامرة، وعماراتهم الشامخة ومزارعهم النضرة لم يبق منها شيء يذكر أبداً...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.