معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

قوله تعالى : { خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان } وهو أبو الجن . وقال الضحاك : هو إبليس ، { من مارج من نار } وهو الصافي من لهب النار الذي لا دخان فيه . قال مجاهد : وهو ما اختلط بعضه ببعض من اللهب الأحمر والأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت ، من قولهم : مرج أمر القوم ، إذا اختلط .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

{ وَخَلَقَ الْجَانَّ } أي : أبا الجن ، وهو إبليس اللعين{[947]} { مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ } أي : من لهب النار الصافي ، أو الذي قد خالطه الدخان ، وهذا يدل على شرف عنصر الآدمي المخلوق من الطين والتراب ، الذي هو محل الرزانة والثقل والمنافع ، بخلاف عنصر الجان وهو النار ، التي هي محل الخفة والطيش والشر والفساد .


[947]:- في ب: لعنه الله.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

{ وَخَلَقَ } - سبحانه - { الجآن } أى : جنس الجن { مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } أى : من لهب خالص لا دخان فيه ، أو مما اختلط بعضه ببعض من اللهب الأحمر وغير الأحمر ، إذ المارج ، هو المختلط ، وهو اسم فاعل بمعنى اسم المفعول مثل دافع ، أى : خلق جنس الجان من خليط من لهب النار . ومن فى قوله { مِّن نَّارٍ } للبيان .

قال ابن كثير : يذكر الله - تعالى - خلقه الإنسان من صلصال كالفخار ، وخلقه الجان من مارج من نار ، وهو طرف لهبها قاله الضحاك ، وعن ابن عباس : من مارج من نار ، أى : من لهب النار .

وروى مسلم عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم " .

والمقصود بالآيتين تذكير بنى آدم بفضلهم على غيرهم ، حيث بين - سبحانه - لهم مبدأ خلقهم ، وأنهم قد خلقوا من عنصر غير الذى خلق منه الجن ، وأن الله - تعالى - قد أمر إبليس المخلقو من النار ، بالسجود لأبيهم آدم المخلوق من الطين ، فعليهم أن يشكروا الله - تعالى - على هذه النعمة ، وأن يحذروا وسوسة إبليس وجنوده .

وبعد أن أمر بشكر هذه النعم ، أتبع ذلك ببيان مظهر آخر من مظاهر قدرته ، فقال : { رَبُّ المشرقين وَرَبُّ المغربين فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

وقوله : وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ يقول تعالى ذكره : وخلق الجانّ من مارج من نار ، وهو ما اختلط بعضه ببعض ، من بين أحمر وأصفر وأخضر ، من قولهم : مَرِج أمر القوم : إذا اختلط ، ومن قول النبيّ صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو : «كَيْفَ بِكَ إذَا كُنْتَ فِي حُثالَةٍ مِنَ النّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وأماناتُهُمْ » وَذلكَ هُوَ لَهَبُ النّارِ وَلِسانُهُ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عبد الله بن يوسف الجبيريّ أبو حفص ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، قال : حدثنا مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : من أوسطها وأحسنها .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ يقول : خلقه من لهب النار من أحسن النار .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ يقول : خالص النار .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك عن ابن عباس ، قال : خلقت الجنّ الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار ، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا ألهبت .

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرِمة ، في قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : من أحسن النار .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : اللهب الأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت .

وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله ، إلاّ أنه قال : والأحمر .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : هو اللّهب المنقطع الأحمر .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الضحاك ، في قوله : وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارجٍ مِنْ نارٍ قال : أحسن النار .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : من لهب النار .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ : أي من لهب النار .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : مِنْ مارِجٍ مِنْ نار قال : من لهب النار .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : المارج : اللهب .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ قال : من لهب من نار .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

وخلق الجان الجن أو أبا الجن من مارج من صاف من الدخان من نار بيان ل مارج فإنه في الأصل للمضطرب من مرج إذا اضطرب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

و : { الجان } اسم جنس ، كالجنة . و : «المارج » اللهب المضطرب من النار . قال ابن عباس : وهو أحسن النار المختلط من ألوان شتى . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر : «كيف بك إذا كنت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأمانتهم »{[10815]} .


[10815]:أخرجه أبو داود في الملاحم، وابن ماجه في الفتن، وأحمد في المسند(2-162، 212، 220)، ولفظه كما في المسند أن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(كيف أنت إذا بقيت في حُثالة من الناس؟ قال: قلت: يا رسول الله كيف ذلك؟ قال: إذا مرجت عهودهم وأمانتهم، وكانوا هكذا-وشبك يونس بين أصابعه يصف ذلك-قال: قلت: ما أصنع عند ذلك يا رسول الله؟ قال: اتق الله عز وجل، وخذ ما تعرف ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك، وإياك وعوامهم). ويونس هو راوي الحديث عن الحسن عن عبد الله بن عمرو.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

و { الجانُّ } : الجن والمراد به إبليس وما خرج عنه من الشياطين ، وقد حكى الله عنه قوله : { خلقتني من نار وخلقته من طين } [ ص : 76 ] .

والمارج : هو المختلط وهو اسم فاعل بمعنى اسم المفعول مثل دافق ، وعيشة راضية ، أي خلق الجان من خليط من النار ، أي مختلط بعناصر أخرى إلا أن الناس أغلَب عليه كما كان التراب أغلب على تكوين الإنسان مع ما فيه من عنصر النار وهو الحرارة الغريزية والمقصود هنا هو خلق الإنسان بقرينة تذييله بقوله : { فبأي ألاء ربكما تكذبان } [ الرحمن : 16 ] وإنما قُرن بخلق الجان إظهاراً لكمال النعمة في خلق الإنسان من مادة لَينة قابلاً للتهذيب والكمال وصدور الرفق بالموجودات التي معه على وجه الأرض .

وهو أيضاً تذكير وموعظة بمظهر من مظاهر قدرة الله وحكمته في خلق نوع الإِنسان وجنس الجان .

وفيه إيماء إلى ما سبق في القرآن النازِل قبل هذه السورة من تفضيل الإنسان على الجان إذ أمر الله الجانّ بالسجود للإِنسان ، وما ينطوي في ذلك من وفرة مصالح الإِنسان على مصالح الجان ، ومِن تأهله لعمران العالم لكونه مخلوقاً من طينته إذ الفضيلة تحصل من مجموع أوصاف لا من خصوصيات مفردة .