اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ} (15)

قوله : { وَخَلَقَ الجان } .

قيل هو اسم جنس كالإنسان .

وقيل : هو أبو الجن «إبليس » .

وقيل : هو أبوهم ، وليس ب «إبليس »{[54387]} .

قوله : { مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } «من » الأولى لابتداء الغاية .

وفي الثانية وجهان{[54388]} :

أحدهما : أنها للبيان .

والثاني : أنها للتبعيض .

و«المَارِجُ » : قيل : ما اختلط من أحمر وأصفر وأخضر ، وهذا مشاهد في النار ترى الألوان الثلاثة مختلطاً بعضها ببعض .

وقيل : الخالص .

وقيل : الأحمر وقيل : الحمرة في طرف النَّار .

وقيل المختلط بسواد .

وقيل : اللهب المضطرب .

وقال الليث : «المارج » : الشعلة الساطعة{[54389]} ذات اللهب الشديد ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه اللهب الذي يعلو النَّار ، فيختلط بعضه ببعض أحمر وأخضر وأصفر{[54390]} ، ونحوه عن مجاهد .

وقيل : «المَارِجُ » المرسل غير ممنوع{[54391]} {[54392]} .

قال المبرد{[54393]} : «المارج » : النار المرسلة التي لا تمنع .

وقال أبو عبيدة والحسن : «المارج » : المختلط النار ، وأصله من مرج إذا اضطرب ، واختلط{[54394]} .

قال القرطبي{[54395]} : يروى أن الله - تعالى - خلق نارين ، فمرج إحداهما بالأخرى ، فأكلت إحداهما الأخرى ، وهي نار السَّمُوم ، فخلق منها «إبليس » .

قال القشيري : «والمارج » في اللغة : المرسل أو المختلط ، وهو فاعل بمعنى مفعول كقوله : { مَّاءٍ دَافِقٍ } [ الطارق : 6 ] و{ عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [ الحاقة : 21 ] ، والمعنى : «ذو مرج » .

{ مِّن نَّارٍ } نعت ل { مَّارِجٍ } .

وتقدم الكلام على قوله : «فبأي آلاء » إلى آخرها .


[54387]:ينظر: تفسير الرازي 29/87، والبحر المحيط 8/189، والدر المصون 6/239.
[54388]:ينظر: البحر المحيط 8/189، والدر المصون 6/239.
[54389]:في ب: الساقطة.
[54390]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (11/584) عن ابن عباس ومجاهد بنحوه ومجاهد وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/193) وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد.
[54391]:ينظر: القرطبي 17/105.
[54392]:ذكره الماوردي في "تفسيره" (5/428).
[54393]:ينظر: القرطبي 17/105.
[54394]:ينظر الماوردي في "تفسيره" (5/428).
[54395]:ينظر تفسير القرطبي 17/105.