ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما قاله نوح لقومه فقال : { قَالَ ياقوم إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ . أَنِ اعبدوا الله واتقوه وَأَطِيعُونِ } .
أى : قال نوح لقومه -على سبيل التلطف فى النصح ، والتقرب إلى قلوبهم - يا قوم ويا أهلى وعشيرتى : إنى لكم منذر واضح الإِنذار ، ولا أسألكم على هذا الإِنذار الخالص أجرا ، وإنما ألتمس أجرى من الله .
وإنى آمركم بثلاثة أشياء : أن تخلصوا لله - تعالى - العبادة ، وأن تتقوه فى كل أقوالكم وأفعالكم ، وأن تطيعونى فى كل ما آمركم به وأنهاكم عنه .
وافتتح كلامه معهم بالنداء { قَالَ ياقوم } ، أملا فى لفت أنظارهم إليه ، واستجابتهم له ، فإن النداء من شأنه التنبيه للمنادىَ .
ووصف إنذاره لهم بأنه { مُّبِينٌ } ، ليشعرهم بأنه لا لبس فى دعوته لهم إلى الحق ، ولا خفاء فى كونهم يعرفونه ، ويعرفون حرصه على منفعتهم . .
وقال : { إِنِّي لَكُمْ } للإِشارة إلى أن فائدة استجابتهم له ، تعود عليهم لا عليه ، فهو مرسل من أجل سعادتهم وخيرهم .
وأمرهم بطاعته ، بعد أمرهم بعبادة الله وتقواه ، لأن طاعتهم له هى طاعة الله - تعالى - كما قال - تعالى - : { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله }
و { أن } في { أن اعبدوا } تفسيرية لأن وصف { نذير } فيه معنى القول دون حروفه ، وأمرهم بعبادة الله لأنهم أعرضوا عنها ونسوها بالتمحض لأصنامهم ، وكان قوم نوح مشركين كما دل عليه قوله تعالى في سورة يونس ( 71 ) { فأجمِعوا أمركم وشرُكاءكم } وبذلك كان تمثيل حال المشركين من العرب بحال قوم نوح تمثيلاً تاماً .
واتقاء الله اتقاء غضبه ، فهذا من تعليق الحكم باسم الذات . والمراد : حال من أحوال الذات من باب { حرمت عليكم الميتة } [ المائدة : 3 ] أي أكلها ، أي بأن يعلموا أنه لا يرضى لعباده الكفر به . وطاعتهم لنوح هي امتثالهم لما دعاهم إليه من التوحيد وقد قال المفسرون : لم يكن في شريعة نوح إلاّ الدعوةُ إلى التوحيد فليس في شريعته أعمال تُطلب الطاعة فيها ، لكن لم تخل شريعة إلهية من تحريم الفواحش مثل قتل الأنفس وسلب الأموال ، فقوله : { يغفر لكم من ذنوبكم } ينصرف بادىء ذي بدء إلى ذنوب الإِشراك اعتقاداً وسجوداً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.