معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُم بِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ} (78)

قوله تعالى : { إن ربك يقضي } يفصل ، { بينهم } أي : بين المختلفين في الدين يوم القيامة ، { بحكمه } الحق ، { وهو العزيز } المنيع فلا يرد له أمر ، { العليم } بأحوالهم فلا يخفى عليه شيء .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُم بِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ} (78)

ثم بين - سبحانه - أن مرد القضاء بين المختلفين إليه وحده فقال : { إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ . . } .

أى : إن ربك - أيها الرسول الكريم - يقضى بين بنى إسراءيل الذين اختلفوا فيما بينهم اختلافا كبيرا ، بحكمه العادل ، كما يقضى بين غيرهم ، فيجازى الذين أساؤوا بما عملوا ، ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى .

{ وَهُوَ } - سبحانه - { وَهُوَ العزيز } الذى لا يغالب { العليم } بكل شىء فى هذا الوجود ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُم بِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ} (78)

{ إن ربك يقضي بينهم } بين بني إسرائيل . { بحكمه } بما يحكم به وهو الحق ، أو بحكمته ويدل عليه انه قرئ بحكمه . { وهو العزيز } فلا يرد قضاؤه . { العليم } بحقيقة ما يقضى فيه ، وحكمه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُم بِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ} (78)

ثم أخبر أن ذلك كله بقضاء من الله وحكم قضاه فيهم وبينهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُم بِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ} (78)

لما سبق ذكر المشركين بطعنهم في القرآن وتكذيبهم بوعيده ، وذكر بني إسرائيل بما يقتضي طعنهم فيه بأنه لمخالفة ما في كتبهم ، وذكر المؤمنين بأنهم اهتدوا به وكان لهم رحمة فهم موقنون بما فيه ، تمخض الكلام عن خلاصة هي افتراق الناس في القرآن فريقين : فريق طاعن ، وفريق موقن ، فلا جرم اقتضى ذلك حدوث تدافع بين الفريقين . وهو مما يثير في نفوس المؤمنين سؤالاً عن مدى هذا التدافع ، والتخالف بين الفريقين ومتى ينكشف الحق ، فجاء قوله { إن ربك يقضي بينهم بحكمه } استئنافاً بيانياً فيعلم أن القضاء يقتضي مختلفين . وأن كلمة ( بين ) تقتضي متعدداً ، فأفاد أن الله يقضي بين المؤمنين بالقرآن والطاعنين فيه قضاء يبين المحق من المبطل . وهذا تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين عن استبطائهم النصر فإن النبي أول المؤمنين ، وإنما تقلد المؤمنون ما أنبأهم به فالقضاء للمؤمنين قضاء له بادىء ذي بدء .

وفيه توجيه الخطاب إلى جناب الرسول صلى الله عليه وسلم وإسناد القضاء إلى الله في شأنه بعنوان أنه رب له إيماء بأن القضاء سيكون مرضياً له وللمؤمنين . فجعل الرسول في هذا الكلام بمقام المبلغ وجعل القضاء بين أمته مؤمنهم وكافرهم ، وتعجيل لمسرة الرسول بهذا اللإيماء .

وإذا قد أسند القضاء إلى الله وعلق به حكم مضاف إلى ضميره فقد تعين أن يكون المراد من المتعلق غير المتعلق به وذلك يلجيء : إما إلى تأويل معنى إضافة الحكم بما يخالف معنى إسناد القضاء إذا اعتبر اللفظان مترادين لفظاً ومعنى ، فيكون ما تدل عليه الإضافة من اختصاص المضاف بالمضاف إليه مقصوداً به ما اشتهر به المضاف باعتبار المضاف إليه . وذلك أن الكل يعلمون أن حكم الله هو العدل ولأن المضاف إليه هو الحكم العدل . فالمعنى على هذا : أن ربك يقضي بينهم بحكمه المعروف المشتهر اللائق بعموم علمه واطراد عدله .

وإما أن يؤول الحكم بمعنى الحكمة وهو إطلاق شائع قال تعالى { وكلاً ءاتينا حكماً وعلماً } [ الأنبياء : 79 ] وقال { وءاتيناه الحكم صبياً } [ مريم : 12 ] ولم يكن يحيى حاكماً وإنما كان حكيماً نبيئاً فيكون المعنى على هذا : إن ربك يقضي بينهم بحكمته ، أي بما تقتضيه الحكمة ، أي من نصر المحق على المبطل .

ومآل التأويلين إلى معنى واحد وبه يظهر حسن موقع الاسمين الجليلين في تذييله بقوله { وهو العزيز العليم } ، فإن العزيز لا يصانع ، والعليم لا يفوته الحق ، ويظهر حسن موقع التفريغ بقوله .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُم بِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ} (78)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"إنّ رَبّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ" يقول: إن ربك يقضي بين المختلفين من بني إسرائيل بحكمه فيهم، فينتقم من المبطل منهم، ويجازي المحسن منهم المحقّ بجزائه. "وَهُوَ العَزِيزُ العَلِيمُ" يقول: وربك العزيز في انتقامه من المبطل منهم ومن غيرهم، لا يقدر أحد على منعه من الانتقام منه إذا انتقم العليم بالمحقّ المحسن من هؤلاء المختلفين من بني إسرائيل فيما اختلفوا فيه، ومن غيرهم من المبطل الضالّ عن الهدى.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{إن ربك يقضي بينهم بحكمه} حكمه هو عدله. كأنه يقول: إن ربك يقضي بينهم بعدله، لا يجور ولا يظلم في الحكم والقضاء.

{وهو العزيز العليم} العزيز: الذي لا يعجزه شيء، العليم: الذي لا يخفى عليه شيء، عزيز بذاته، عالم بذاته.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم} أي بين المختلفين في الدين يوم القيامة {بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ} المنيع فلا يردّ له أمر {الْعَلِيمُ} بأحوالهم فلا يخفى عليه شيء.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{بَيْنَهُم} بين من آمن بالقرآن ومن كفر به.

فإن قلت: ما معنى يقضي بحكمه؟... قلت. معناه بما يحكم به وهو عدله، لأنه لا يقضي إلا بالعدل، فسمى المحكوم به حكماً. أو أراد بحكمته -وتدل عليه قراءة من قرأ بحكمه: جمع حكمة.

{وَهُوَ العزيز} فلا يردّ قضاؤه {العليم} بمن يقضي له وبمن يقضي عليه، أو العزيز في انتقامه من المبطلين، العليم بالفصل بينهم وبين المحقين.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

ولما كان القضاء يقتضي تنفيذ ما يقضي به، والعلم بما يحكم به، جاءت هاتان الصفتان عقبه، وهو العزة: أي الغلبة والقدرة والعلم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكر دليل فضله، أتبعه دليل عدله، فقال مستأنفاً لجواب من ظن أن فضله دائم العموم على الفريقين: {إن} وقال: {ربك} أي المحسن إليك بجمعه لكل بين العلم والبلاغة والدين والبراعة والدنيا والعفة والشجاعة تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم {يقضي بينهم} أي بين جميع المخلفين {بحكمه} أي الذي هو أعدل حكم وأتقنه وأنفذه وأحسنه مع كفرهم به واستهزائهم برسله، لا بحكم غيره ولا بنائب يستنيبه {وهو} أي والحال أنه هو {العزيز} فلا يرد له أمر {العليم} فلا يخفى عليه سر ولا جهر.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

أي: إن الله تعالى سيفصل بين المختصمين وسيحكم بين المختلفين بحكمه العدل وقضائه القسط، فالأمور وإن حصل فيها اشتباه في الدنيا بين المختلفين لخفاء الدليل أو لبعض المقاصد فإنه سيبين فيها الحق المطابق للواقع حين يحكم الله فيها، {وَهُوَ الْعَزِيزُ} الذي قهر الخلائق فأذعنوا له، {الْعَلِيمُ} بجميع الأشياء {الْعَلِيمُ} بأقوال المختلفين وعن ماذا صدرت وعن غاياتها ومقاصدها وسيجازي كلا بما علمه فيه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

لما سبق ذكر المشركين بطعنهم في القرآن وتكذيبهم بوعيده، وذكر بني إسرائيل بما يقتضي طعنهم فيه... لمخالفة ما في كتبهم، وذكر المؤمنين بأنهم اهتدوا به وكان لهم رحمة فهم موقنون بما فيه، تمخض الكلام عن خلاصة هي افتراق الناس في القرآن فريقين: فريق طاعن، وفريق موقن، فلا جرم اقتضى ذلك حدوث تدافع بين الفريقين. وهو مما يثير في نفوس المؤمنين سؤالاً عن مدى هذا التدافع، والتخالف بين الفريقين ومتى ينكشف الحق، فجاء قوله {إن ربك يقضي بينهم بحكمه} استئنافاً بيانياً فيعلم أن القضاء يقتضي مختلفين. وأن كلمة (بين) تقتضي متعدداً، فأفاد أن الله يقضي بين المؤمنين بالقرآن والطاعنين فيه قضاء يبين المحق من المبطل. وهذا تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين عن استبطائهم النصر فإن النبي أول المؤمنين، وإنما تقلد المؤمنون ما أنبأهم به فالقضاء للمؤمنين قضاء له بادئ ذي بدء. وفيه توجيه الخطاب إلى جناب الرسول صلى الله عليه وسلم وإسناد القضاء إلى الله في شأنه بعنوان أنه رب له إيماء بأن القضاء سيكون مرضياً له وللمؤمنين. فجعل الرسول في هذا الكلام بمقام المبلغ وجعل القضاء بين أمته مؤمنهم وكافرهم، وتعجيل لمسرة الرسول بهذا الإيماء.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وبالرغم من أنّ هذه الآية لم تصرّح بأن قضاء الله بينهم سيكون يوم القيامة... إلاّ أنّه بقرينة آيتين أخريين تتحدثان عن اختلافات بني إسرائيل، وأن الله يقضي بينهم يوم القيامة، يتّضح أنّ مراد الآية محل البحث هو هذا المعنى ذاته. ففي الآية (17) من سورة الجاثية يقول سبحانه: (إنّ ربّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون).