التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا هُوَ بِٱلۡهَزۡلِ} (14)

{ وَمَا هوَ بالهزل } أى : وأن هذا القرآن ، ليس فيه شائبة من شوائب الهزل أو اللعب أو المزاح . بل هو جد كله ، فيجب على كل عاقل ، أن يتبع هداه ، وأن يستجيب لأمره ونهيه .

وفى هذه الآيات الكريمة رد بليغ ، على أولئك المشركين الجاهلين ، الذين وصفوا القرآن ، بأنه نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ليهزل به ، لأنه يخبرهم بأن الأموات سيعادون إلى الحياة مرة أخرى ، وذلك أمر تستبعده نفوسهم المطموسة .

وفى قوله - تعالى - : { والسمآء ذَاتِ الرجع . والأرض ذَاتِ الصدع } مقابلة لطيفة ، حيث وصف - سبحانه - السماء والأرض بما ينسابهما ، وبما يشير إلى أن البعث حق ، لأنه كما ينزل المطر من السماء فيحيى الأرض بعد موتها . كذلك يحيى الله - تعالى - بقدرته الأجساد بعد موتها ، وعاد الضمير فى قوله { إنه } إلى القرآن - مع أنه لم يسبق له ذكر - لأنه معلوم من المقام .

   
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَمَا هُوَ بِٱلۡهَزۡلِ} (14)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول: وما هو باللعب...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وما هو باللعب ولا الباطل...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

يعني أنه جدّ كله لا هوادة فيه. ومن حقه وقد وصفه الله بذلك أن يكون مهيباً في الصدور، معظماً في القلوب، يترفع به قارئه وسامعه وأن يلم بهزل أو يتفكه بمزاح، وأن يلقى ذهنه إلى أنّ جبار السماوات يخاطبه فيأمره وينهاه، ويعده ويوعده، حتى إن لم يستفزه الخوف ولم تتبالغ فيه الخشية، فأدنى أمره أن يكون جادّا غير هازل...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وعطف {وما هو بالهزل} بعد الثناء على القرآن بأنه « قول فصل» يتعين على المفسر أن يتبين وجه هذا العطف ومناسبته، والذي أراه في ذلك أنه أعقب به الثناء على القرآن رداً على المشركين إذ كانوا يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء يهزل إذ يخبر بأن الموتى سيحْيَوْن، يريدون تضليل عامتهم حين يسمعون قوارع القرآن وإرشاده وجزالة معانيه يختلقون لهم تلك المعاذير ليصرفوهم عن أن يتدبروا القرآن وهو ما حكاه الله عنهم في قوله: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه} [فصلت: 26] فالهزل على هذا الوجه هو ضدّ الجدّ أعني المزح واللعب، ومثل هذه الصفة إذا وردت في الكلام البليغ لا محمل لها إلا إرادة التعريض وإلا كانت تقصيراً في المدح لا سيما إذا سبقتها محمدة من المحامد العظيمة. ويجوز أن يطلق الهزل على الهذيان قال تعالى: {وما هو بالهزل} أي بالهذيان...