ثم بين - سبحانه - عاقبة هؤلاء الظالمين فقال : { أولئك جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ الله والملائكة والناس أَجْمَعِينَ } .
قال الراغب : اللعن : الطرد والإبعاد على سبيل السخط ، وذلك من الله - تعالى - فى الآخرة عقوبة وفى الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه ، ومن الإنسان دعاء على غيره " .
والمعنى : أولئك المتصفون بتلك الصفات القبيحة { جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ الله } أى جزاؤهم أن عليهم غضب الله وسخطه بسبب استحبابهم الكفر على الإيمان { والملائكة والناس أَجْمَعِينَ } أى وعليهم كذلك سخط الملائكة والناس أجمعين وغضبهم ، ودعاؤهم عليهم باللعنة والطرد من رحمة الله .
وقوله { أولئك } مبتدأ . وقوله { جَزَآؤُهُمْ } مبتدأ ثان ، وقوله { أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ الله } إلخ . . خبر المبتدأ الثانى ، وهو وخبره خبر المبتدأ الأول .
والآية الكريمة قد بينت أن اللعنة على هؤلاء القوم ، صادرة من الله وهى أشد ألوان اللعن ، وصادرة من الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وصادرة من الناس أجمعين ، أى أن الفطر الإنسانية تلعنهم لنبذهم الحق بعد أن عرفوه وشهدوا به ، وقامت بين أيديهم الأدلة على أنه حق .
قال الفخر الرازى ما ملخصه : فإن قيل : لم عم جميع الناس مع أن من وافقهم فى كفرهم لا يلعنهم ؟ قلنا فيه وجوه : منها أنهم فى الآخرة يلعن بعضهم بعضا كما قال - تعالى - { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } فعلى هذا التقدير يكون اللعن قد حصل للكفار من الكفار . ومنها كأن الناس هم المؤمنون ، والكفار ليسوا من الناس ، ثم لما ذرك لعن الثلاث قال { أَجْمَعِينَ } . ومنها وهو الأصح عندى : أن جميع الخلق يلعنون المبطل والكافر ، ولكنه يعتقد فى نفسه أنه ليس بمبطل ولا كافر ، فإذا لعن الكافر وكان هو فى علم الله كافرا فقد لعن نفسه وإن كان لا يعلم ذلك " .
{ أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين } يدل بمنطوقه على جواز لعنهم ، وبمفهومه على نفي جواز لعن غيرهم . ولعل الفرق أنهم مطبوعون على الكفر ممنوعون عن الهدى مؤيسون عن الرحمة رأسا بخلاف غيرهم ، والمراد بالناس المؤمنون أو العموم فإن الكافر أيضا يلعن منكر الحق والمرتد عنه ولكن لا يعرف الحق بعينه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.