معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (98)

قوله تعالى : { فسبح بحمد ربك } ، قال ابن عباس : فصل بأمر ربك { وكن من الساجدين } ، من المصلين المتواضعين . وقال الضحاك : { فسبح بحمد ربك } : قل سبحان الله وبحمده { وكن من الساجدين } المصلين . وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (98)

والفاء في قوله { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ . . . } واقعة في جواب شرط .

والتسبيح لله - تعالى - معناه : تنزيهه - عز وجل - عن كل ما لا يليق به .

والتحميد له - تعالى - معناه : الثناء عليه بما هو أهله من صفات الكمال والجلال .

أى : إن ضاق صدرك - أيها الرسول الكريم - بسبب أقوال المشركين القبيحة ، فافزع إلينا بالتسبيح والتحميد ، بأن تكثر من قول سبحان الله ، والحمد لله .

قال بعض العلماء : فهذه الجملة الكريمة قد اشتملت على الثناء على الله بكل كمال ؛ لأن الكمال يكون بأمرين :

أحدهما : التخلى عن الرذائل ، والتنزه عما لا يليق ، هذا معنى التسبيح .

والثانى : التحلى بالفضائل ، والاتصاف بصفات الكمال ، وهذا معنى الحمد .

فتم الثناء بكل كمال . ولأجل هذا المعنى ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم . . . " .

والمراد بالسجود في قوله - تعالى - { وَكُنْ مِّنَ الساجدين } الصلاة . وعبر عنها بذلك من باب التعبير بالجزء عن الكل ، لأهمية هذا الجزء وفضله ، ففى صحيح مسلم عن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " .

ويؤخذ من هذه الآية الكريمة ، أن ترتيب الأمر بالتسبيح والتحميد والصلاة على ضيق الصدر ؛ دليل على أن هذه العبادات ، بسببها يزول المكروه بإذنه - تعالى - ، وتنقشع الهموم . . . ولذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر لجأ إلى الصلاة .

وروى الإِمام أحمد وأبو داود والنسائى من حديث نعيم بن عمار - رضى الله عنه - أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله - تعالى - : " يا بن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار ، أكفك آخره " .

فينبغى للمسلم إذا أصابه مكروه أن يفزع إلى الله - تعالى - بأنواع الطاعات من صلاة وتسبيح وتحميد وغير ذلك من ألوان العبادات .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (98)

وقوله : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ } أي : وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك انقباض وضيق صدر . فلا يهيدنك ذلك ، ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله ، وتوكل على الله فإنه كافيك وناصرك عليهم ، فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة ؛ ولهذا قال : { وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ } كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِي ، حدثنا معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مُرَّة ، عن نعيم بن هَمَّار{[16293]} أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قال الله : يا ابن آدم ، لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره . .

ورواه أبو داود{[16294]} من حديث مكحول ، عن كثير بن مرة ، بنحوه{[16295]}

ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حَزبه أمر صلَّى .


[16293]:في ت، أ: "عمار".
[16294]:في ت، أ: "أبو داود والنسائي".
[16295]:المسند (5/286) وسنن أبي داود برقم (1289).

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (98)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَكُنْ مّنَ السّاجِدِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولقد نعلم يا محمد أنك يضيق صدرك بما يقول هؤلاء المشركون من قومك من تكذيبهم إياك واستهزائهم بك وبما جئتهم به ، وأن ذلك يُحْرِجك . فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ يقول : فافزع فيما نابك من أمر تكرهه منهم إلى الشكر لله والثناء عليه والصلاة ، يكفك الله من ذلك ما أهمّك . وهذا نحو الخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنه كان إذا حزَبَه أمر فَزِع إلى الصلاة » .