معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (87)

قوله تعالى : { فما ظنكم برب العالمين } إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره أنه يصنع بكم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (87)

ثم حذرهم من السير فى طريق الشرك فقال : { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العالمين } .

والاستفهام للإِنكار والتحذير من سوء عاقبتهم إذا ما استمروا فى عبادتهم لغيره - تعالى - أى : فما الذى تظنون أن يفعله بكم خالقكم ورازقكم إذا ما عبدتم غيره ؟ إنه لاشك سيحاسبكم على ذلك حسابا عسيرا ، ويعذبكم عذابا أليما ، وما دام الأمر كذلك فاتركوا عبادة هذه الآلهة الزائفة .

وأخلصوا عبادتكم لخالقكم ورازقكم .

قال الآلوسى : قوله : { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العالمين } أى : أى شئ ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة ، لكونه ربا للعالمين ؟ أشككتم فيه حتى تركتم عبادته - سبحانه - بالكلية ، أو أعلمتم أى شئ هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه أو أى شئ ظنكم بعقابه - عز وجل - حتى اجترأتم على الإِفك عليه ، ولم تخافوا عذابه .

وعلى أية حال فالآية تدل دلالة على واضحة على استنكاره لما كان عليه أبوه وقومه من عباده لغير الله - تعالى - وعلى نفور فطرته لما هم عليه من باطل .

ويهمل القرآن الكريم هنا ردهم عليه لتفاهته .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (87)

69

وما هو تصوركم لله ? وهل يهبط وينحرف إلى هذا المستوى الذي تنكره الفطرة لأول وهلة : ( فما ظنكم برب العالمين ? ) . . وهي كلمة يبدو فيها استنكار الفطرة السليمة البريئة ، وهي تطلع على الأمر البين الذي يصدم الحس والعقل والضمير .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (87)

وفرع على استفهام الإِنكار استفهام آخر وهو قوله : { فما ظنكم برب العالمين } وهو استفهام أريد به الإِنكار والتوقيف على الخطأ ، وأريد بالظن الاعتقاد الخطأ .

وسمي ظناً لأنه غير مطابق للواقع ولم يسمه علماً لأن العلم لا يطلق إلا على الاعتقاد المطابق للواقع ولذلك عرفوه بأنه : « صفة توجِب تمييزاً لا يحتمل النقيض » ولا ينتفي احتمال النقيض إلا متى كان موافقاً للواقع . وكثر إطلاق الظن على التصديق المخطىء والجهل المركب كما في قوله تعالى : { إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون } في سورة [ الأنعام : 116 ] . وقوله : { إن الظن لا يغني من الحق شيئاً } [ يونس : 36 ] .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " .

والمعنى : أن اعتقادكم في جانب رب العالمين جهل منكَر .

وفعل الظن إذا عدّي بالباء أشعر غالباً بظن صادق قال تعالى : { وتظنون بالله الظنونا } [ الأحزاب : 10 ] وقال : { وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم } [ فصلت : 23 ] . ومنه إطلاق الظنين على المتهم فإن أصله : ظنين بِه ، فحذفت الباء ووصل الوصف ، وذلك أنه إذا عدي بالباء فالأكثر حذف مفعوله وكانت الباء للإِلصاق المجازي ، أي ظن ظناً ملصقاً بالله ، أي مدّعى تعلقه بالله وإنما يناسب ذلك ما ليس لائقاً بالله .

وتقدمت الإِشارة إليه عند قوله تعالى : { وتظنون بالله الظنونا } في سورة [ الأحزاب : 10 ] .

والمعنى : فما ظنكم السيّىء بالله ، ولما كان الظن من أفعال القلب فتعديته إلى اسم الذات دون إتباع الاسم بوصف متعينة لتقدير وصف مناسب . وقد حذف المتعلق هنا لقصد التوسع في تقدير المحذوف بكل احتمال مناسب تكثيراً للمعاني فيجوز أن تعتبر من ذاتتِ ربّ العالمين أوصافُه . ويجوز أن يعتبر منها الكنهُ والحقيقة ، فاعتبار الوصف على وجهين :

أحدهما : المعنى المشتق منه الرب وهو الربوبية وهي تبليغ الشيء إلى كماله تدريجاً ورفقاً فإن المخلوق محتاج إلى البقاء والإِمداد وذلك يوجب أن يَشكر المُمَدّ فلا يصد عن عبادة ربه ، فيكون التقدير : فما ظنكم أن له شركاء وهو المنفرد باستحقاق الشكر المُتَمثل في العبادة لأنه الذي أمدكم بإنعامه .

وثانيهما : أن يعتبر فيه معنى المالكية وهي أحد معنيي الربّ وهو مستلزم لمعنى القهر والقدرة على المملوك ، فيكون التقدير : فما ظنكم ماذا يفعل بكم من عقاب على كفرانه وهو مالِككم ومالك العالمين .

وأما جواز اعتبار حقيقة رب العالمين وكنهه . فالتقدير فيه : فما ظنكم بكنهِ الربوبية فإنكم جاهلون الصفات التي تقتضيها وفي مقدمتها الوحدانية .