معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنۡ خَشۡيَةِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ} (57)

ثم ذكر المسارعين في الخيرات فقال : { إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون } أي : خائفون ، والإشفاق : الخوف ، والمعنى أن المؤمنين بما هم عليه من خشية الله خائفون من عقابه ، قال الحسن البصري : المؤمن من جمع إحساناً وخشية ، والمنافق من جمع إساءة وأمناً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنۡ خَشۡيَةِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ} (57)

وبعد أن صورت السورة الكريمة حالة أصحاب القلوب التى غمرها الجهل والعمى ، أتبعت ذلك بإعطاء صورة وضيئة مشرقة لأصحاب القلوب الوجلة المؤمنة ، المسارعة فى الخيرات فقال - تعالى - : { إِنَّ الذين هُم . . . } .

قوله - سبحانه - { إِنَّ الذين هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ } بيان للصفة الأولى من صفات هؤلاء المؤمنين الصادقين .

والإشفاق : هو الخوف من الله - تعالى - والخشية منه - سبحانه - مع شدة الرقة فى القلب وكثرة الخوف من عقابه .

أى : أنهم من خشية عقابه - عز وجل - حذرون خائفون ، وهذا شأن المؤمنين الصادقين ، كما قال الحسن البصرى : إن المؤمن جمع إحساناً وشفقة ، وإن المنافق جمع إساءة وأمنا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنۡ خَشۡيَةِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ} (57)

53

وإلى جانب صورة الغفلة والغمرة في القلوب الضالة يبرز صورة اليقظة والحذر في القلوب المؤمنة :

( إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون . والذين هم بآيات ربهم يؤمنون . والذين هم بربهم لا يشركون . والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون . أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ) .

ومن هنا يبدو أثر الإيمان في القلب ، من الحساسية والإرهاف والتحرج ، والتطلع إلى الكمال . وحساب العواقب . مهما ينهض بالواجبات والتكاليف .

فهؤلاء المؤمنون يشفقون من ربهم خشية وتقوى ؛ وهم يؤمنون بآياته ، ولا يشركون به . وهم ينهضون بتكاليفهم وواجباتهم . وهم يأتون من الطاعات ما استطاعوا . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنۡ خَشۡيَةِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ} (57)

لما فرغ ذكر الكفرة وتوعدهم عقب ذلك ذكر المؤمنين ووعدهم وذكرهم بأبلغ صفاتهم ، و «الإشفاق » أبلغ التوقع والخوف ، و { من } ، في قوله { من خشية } هي لبيان جنس الإشفاق ، والإشفاق إنما هو من عذاب الله ، و { من } ، في قوله { من عذاب } هي لابتداء غاية و «الآيات » تعم القرآن وتعم العبر والمصنوعات التي لله وغير ذلك مما فيه نظر واعتبار وفي كل شيء له آية{[8505]} ،


[8505]:هذا صدر بيت معروف متداول، وهو بتمامه: وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنۡ خَشۡيَةِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ} (57)

هذا الكلام مقابل ما تضمنته الغمرة من قوله { فذرهم في غمرتهم } [ المؤمنون : 54 ] من الإعراض عن عبادة الله وعن التصديق بآياته ، ومن إشراكهم آلهة مع الله ، ومن شحهم عن الضعفاء وإنفاق مالهم في اللذات ، ومن تكذيبهم بالبعث . كل ذلك مما شملته الغمرة فجيء في مقابلها بذكر أحوال المؤمنين ثناء عليهم ، ألا ترى إلى قوله بعد هذا { بل قلوبهم في غمرة من هذا } [ المؤمنون : 63 ] .

فكانت هذه الجملة كالتفصيل لإجمال الغمرة مع إفادة المقابلة بأحوال المؤمنين . واختير أن يكون التفصيل بذكر المقابل لحسن تلك الصفات وقبح أضدادها تنزيها للذكر عن تعداد رذائلهم ، فحصل بهذا إيجاز بديع ، وطباق من ألطف البديع ، وصون للفصاحة من كراهة الوصف الشنيع .

وافتتاح الجملة ب { إن } للاهتمام بالخبر ، والإتيان بالموصولات للإيماء إلى وجه بناء الخبر وهو أنهم يسارعون في الخيرات ويسابقون إليها وتكرير أسماء الموصولات للاهتمام بكل صلة من صلاتها فلا تذكر تبعاً بالعطف . والمقصود الفريق الذين اتصفوا بصلة من هذه الصلات . و ( من ) في قوله { من خشية ربهم } للتعليل .

والإشفاق : توقع المكروه وتقدم عند قوله تعالى : { وهم من خشيته مشفقون } في سورة الأنبياء ( 28 ) . وقد حذف المتوقع منه لظهور أنه هو الذي كان الإشفاق بسبب خشيته ، أي يتوقعون غضبه وعقابه .

والمراد بالآيات الدلائل التي تضمنها القرآن ومنها إعجاز القرآن . والمعنى : أنهم لخشية ربهم يخافون عقابه ، فحذف متعلق { مشفقون } لدلالة السياق عليه .

وتقديم المجرورات الثلاثة على عواملها للرعاية على الفواصل مع الاهتمام بمضمونها .