تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنۡ خَشۡيَةِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ} (57)

{ 57 - 62 } { إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ * وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }

لما ذكر تعالى الذين جمعوا بين الإساءة والأمن ، الذين يزعمون أن عطاء الله إياهم في الدنيا دليل على خيرهم وفضلهم ، ذكر الذين جمعوا بين الإحسان والخوف ، فقال : { إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ } أي : وجلون ، مشفقة قلوبهم كل ذلك من خشية ربهم ، خوفا أن يضع عليهم عدله ، فلا يبقى لهم حسنة ، وسوء ظن بأنفسهم ، أن لا يكونوا قد قاموا بحق الله تعالى ، وخوفا على إيمانهم من الزوال ، ومعرفة منهم بربهم ، وما يستحقه من الإجلال والإكرام ، وخوفهم وإشفاقهم يوجب لهم الكف عما يوجب الأمر المخوف من الذنوب ، والتقصير في الواجبات .