معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (25)

قوله تعالى : { وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم } ، على ما علم منهم . وقيل : يميت الكل ، ثم يحشرهم ، الأولين والآخرين .

أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن ، أنبأنا أبو سعيد الصيرفي ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من مات على شيء بعثه الله عليه " .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (25)

ثم بين - سبحانه - أن مرجع الخلق جميعاً إليه فقال : { وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } .

أى : وإن ربك - وحده - أيها المخاطب - هو الذى يتولى حشر الأولين والآخرين ، وجمعهم يوم القيامة للحساب والثواب والعقاب ، إنه - سبحانه - { حكيم } فى كل تصرفاته وأفعاله { عليم } بأحوال خلقه ما ظهر منها وما بطن .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة ، قد اشتملت على ألوان من الأدلة الدالة على وحدانية الله - تعالى - وعظيم قدرته ، وبديع صنعه ، وشمول علمه ، مما يوجب الإِيمان به - سبحانه - وإخلاص العبادة له ، ومقابلة نعمه بالشكران لا بالكفران ، وبالطاعة لا بالمعصية . . .

وبعد أن ساق - سبحانه - ألواناً من الأدلة على وحدانيته وقدرته ، عن طريق خلقه للسماء وما فيها من بروج وشهب . . وللأرض وما عليها من جبال ونبات . . وللرياح وما تحمله من سحب وأمطار . . .

أتبع ذلك بأدلة أخرى على كمال ذاته وصفاته عن طريق خلقه للإِنسان وللجن وللملائكة . . فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (25)

16

( وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم )

وأنه هو الذي يحشرهم في النهاية ، وإليه المصير :

( إنه حكيم عليم ) .

يقدر لكل أمة أجلها بحكمته ، ويعلم متى تموت ، ومتى تحشر ، وما بين ذلك من أمور . .

ونلاحظ في هذا المقطع وفي الذي قبله تناسقا في حركة المشهد . في تنزيل الذكر . وتنزيل الملائكة . وتنزيل الرجوم للشياطين . وتنزيل الماء من السماء . . ثم في المجال الذي يحيط بالأحداث والمعاني ، وهو مجال الكون الكبير : السماء والبروج والشهب ، والأرض والرواسي والنبات ، والرياح والمطر . . فلما ضرب مثلا للمكابرة جعل موضوعه العروج من الأرض إلى السماء خلال باب منها مفتوح في ذات المجال المعروض . وذلك من بدائع التصوير في هذا الكتاب العجيب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحۡشُرُهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (25)

ثم أخبر تعالى بإحاطة علمه بمن تقدم من الأمم ، بمن تأخر في الزمن من يوم أهبط آدم إلى الأرض إلى يوم القيامة ، وأعلم أنه هو الحاشر لهم الجامع لعرض القيامة على تباعدهم في الأزمان والأقطار ، وأن حكمته وعلمه يأتيان بهذا كله على أتم غاياته التي قدرها وأرادها .

وقرأ الأعرج «يحشِرهم » بكسر الشين .

قال القاضي أبو محمد : بهذا سياق معنى الآية ، وهو قول جمهور المفسرين : وقال الحسن : معنى قوله : { ولقد علمنا المستقدمين } أي في الطاعة ، والبدار إلى الإيمان والخيرات ، و { المستأخرين } بالمعاصي .

قال القاضي أبو محمد : وإن كان اللفظ يتناول كل تقدم وتأخر على جميع وجوهه فليس يطرد سياق معنى الآية إلا كما قدمنا ، وقال ابن عباس ومروان بن الحكم وأبو الجوزاء : نزل قوله : { ولقد علمنا } الآية ، في قوم كانوا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تصلي وراءه امرأة جميلة ، فكان بعض القوم يتقدم في الصفوف لئلا تفتنه ، وكان بعضهم يتأخر ليسرق النظر إليها في الصلاة ، فنزلت الآية فيهم .

قال القاضي أبو محمد : وما تقدم الآية من قوله : { ونحن الوارثون } وما تأخر من قوله : { وإن ربك يحشرهم } ، يضعف هذه التأويلات ، لأنها تذهب اتصال المعنى ، وقد ذكر ذلك محمد بن كعب القرظي لعون بن عبد الله{[7160]} .


[7160]:أما القرظي فهو محمد بن كعب بن سليم بن أسد أبو حمزة القرظي، المدني، نزل الكوفة مدة، ثقة، عالم، من الطبقة الثالثة، ولد سنة أربعين على الصحيح، قال البخاري: إن أباه كان ممن لم ينبت من بني قريظة. (تقريب التهذيب). وأما عون، فهو عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، خطيب، رواية، ناسب، شاعر، كان من آداب أهل المدينة، وسكن الكوفة فاشتهر فيها بالعبادة والقراءة، كان يقول بالإرجاء، ثم رجع، و خرج مع ابن الأشعث ثم هرب، وصحب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في خلافته. (تهذيب التهذيب ـ الأعلام).