معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٞ} (5)

{ أيحسب } يعني أبا الأشد من قوته ، { أن لن يقدر عليه أحد } أي : يظن من شدته أن لن يقدر عليه الله تعالى . وقيل : هو الوليد بن المغيرة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٞ} (5)

والاستفهام فى قوله - تعالى - بعد ذلك : { أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ . يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً . أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } للإِنكار والتوبيخ .

أى : أيظن هذا الإِنسان الذى هو فى تعب ومشقة طول حياته ، أنه قد بلغ من القوة والمنعة . . بحيث لا يقدر عليه أحد .

إن كان يتوهم ذلك ، فهو فى ضلال مبين ، لأن الله - تعالى - الذى خلقه ، قادر على إهلاكه فى لمح البصر ، وقادر على أن يسلط عليه من يذله ، ويقضى عليه .

ويدخل فى هذا التوبيخ دخولا أوليا ، أولئك المشركون الذين اغتروا بقوتهم ، فآذوا النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه إيذاء شديداً .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٞ} (5)

وبعد تقرير هذه الحقيقة عن طبيعة الحياة الإنسانية يناقش بعض دعاوى " الإنسان " وتصوراته التي تشي بها تصرفاته :

( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ? يقول : أهلكت مالا لبدا . أيحسب أن لم يره أحد ? ) .

إن هذا " الإنسان " المخلوق في كبد ، الذي لا يخلص من عناء الكدح والكد ، لينسى حقيقة حاله وينخدع بما يعطيه خالقه من أطراف القوة والقدرة والوجدان والمتاع ، فيتصرف تصرف الذي لا يحسب أنه مأخوذ بعمله ، ولا يتوقع أن يقدر عليه قادر فيحاسبه . . فيطغى ويبطش ويسلب وينهب ، ويجمع ويكثر ، ويفسق ويفجر ، دون أن يخشى ودون أن يتحرج . . وهذه هي صفة الإنسان الذي يعرى قلبه من الإيمان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٞ} (5)

وقوله : { أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } قال الحسن البصري : يعني أيحسب أن لن يقدر عليه أحد يأخذ ماله .

وقال قتادة : { أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } قال : ابن آدم يظن أن لن يُسأل عن هذا المال : من أين اكتسبه ؟ وأين أنفقه ؟

وقال السدي : { أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } قال : الله عز وجل .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٞ} (5)

وقوله : أَيَحَسَبُ أنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أحَدٌ ذُكر أن ذلك نزل في رجل بعينه من بني جُمح ، كان يُدعى أبا الأشدّين ، وكان شديدا ، فقال جلّ ثناؤه : أيحسب هذا القويّ بجَلَده وقوّته ، أن لن يقهره أحد ويغلبه ، فالله غالبه وقاهره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٞ} (5)

فمعنى : { أيحسب أن لن يقدر عليه } [ البلد : 5 ] : أيحسب أن لن نقدر عليه بعد اضمحلال جسده فنعيده خلقاً آخر ، فهو في طريقة القسم والمُقسم عليه بقوله تعالى : { لا أقسم بيوم القيامة } إلى قوله : { أيحسب الإنسان أَلَّن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه } [ القيامة : 1 4 ] . أي كما خلقناه أول مرة في نَصَب من أطوار الحياة كذلك نخلقه خلقاً ثانياً في كَبدٍ من العذاب في الآخرة لكفره .

وبذلك يظهر موقع إدماج قوله { في كبد } لأن المقصود التنظير بين الخلْقين الأول والثاني في أنهما من مقدور الله تعالى .

والظرفية من قوله : { في كبد } مستعملة مجازاً في الملازمة فكأنه مظروف في الكَبَد ، ونظيره قوله : { بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم } [ سبأ : 8 ، 9 ] الآية . فالمراد : عذاب الدنيا ، وهو مشقة اضطراب البال في التكذيب واختلاققِ المعاذير والحيرة من الأمر على أحد التفسيرين لتلك الآية .

فالمعنى : أن الكَبَد ملازم للمشرك من حين اتصافه بالإِشراك وهو حين تقوُّم العقل وكماللِ الإدراك .

ومن الجائز أن يجعل قوله : { لقد خلقنا الإنسان في كبد } من قبيل القلب المقبول لتضمنه اعتباراً لطيفاً وهو شدة تلبّس الكَبد بالإِنسان المشرك حتى كأنه خُلِق في الكَبَد .

والمعنى : لقد خلقنا الكَبَد في الإنسان الكافر .

وللمفسرين تأويلات أخرى في معنى الآية لا يساعد عليها السياق .

هذه الجملة بدل اشتمال من جملة : { لقد خلقنا الإنسان في كبد } [ البلد : 4 ] .

والاستفهام مستعمل في التوبيخ والتخْطئة .

وضمير { أيَحْسِبُ } راجع إلى الإِنسان لا محالة ، ومن آثار الحيرة في معنى { لقد خلقنا الإنسان في كبد } [ البلد : 4 ] أن بعض المفسرين جعل ضمير { أَيَحْسِبُ } راجعاً إلى بعض مما يعمه لفظ الإِنسان مثل أبي الأشد الجمحي ، وهو ضغث على إبّالة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٞ} (5)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني بالأحد الله عز وجل ، يعني نفسه ، أيحسب هذا الإنسان أن لن يقدر الله عز وجل على أن يذهب بماله ، وإن أحرزه...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ذُكر أن ذلك نزل في رجل بعينه من بني جُمح ، كان يُدعى أبا الأشدّين ، وكان شديدا ، فقال جلّ ثناؤه : أيحسب هذا القويّ بجَلَده وقوّته ، أن لن يقهره أحد ويغلبه ، فالله غالبه وقاهره . ...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : أيحسب الإنسان أن لن يقدر عليه الله أن يبعثه بعد الموت ، قاله السدي . الثاني : أيحسب الإنسان أن لن يسأل عن هذا المال من أين اكتسبه وأين أنفقه قاله قتادة .

الثالث : أيحسب أن لن يقدر عليه أحد بأخذ ماله ، قاله الحسن .

ويحتمل رابعا : أيحسب أن لن يذله أحد ، لأن القدرة عليه ذل له . ...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

معناه أيظن هذا الانسان أن لن يقدر على عقابه أحد إذا عصى الله تعالى وارتكب معاصيه فبئس الظن ذلك . ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

والضمير في { أَيَحْسَبُ } لبعض صناديد قريش الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكابد منهم ما يكابد . والمعنى : أيظن هذا الصنديد القوي في قومه المتضعف للمؤمنين : أن لن تقوم قيامة ، ولن يقدر على الانتقام منه وعلى مكافأته بما هو عليه ، ثم ذكر ما يقوله في ذلك اليوم . ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنا إن فسرنا الكبد بالشدة في القوة ، فالمعنى أيحسب ذلك الإنسان الشديد أنه لشدته لا يقدر عليه أحد ، وإن فسرنا المحنة والبلاء كان المعنى تسهيل ذلك على القلب ، كأنه يقول : وهب أن الإنسان كان في النعمة والقدرة ، أفيظن أنه في تلك الحالة لا يقدر عليه أحد ؟ ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ أيحسب } أي هذا الإنسان لضعف عقله مع ما هو فيه من أنواع الشدائد { أن لن يقدر } ولما أكد بالفعلية وخصوص هذا النافي قدم الجار تأكيداً بما يفيد من الاهتمام بالإنسان فقال : { عليه } أي خاصة { أحد } أي من أهل الأرض أو السماء فيغلبه حتى أنه يعاند خالقه مع ما ينظر من اقتداره على أمثاله بنفسه وبمن شاء من جنوده فيعادي رسله عليهم الصلاة والسلام ويجحد آياته .

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ? يقول : أهلكت مالا لبدا . أيحسب أن لم يره أحد ? ) . إن هذا " الإنسان " المخلوق في كبد ، الذي لا يخلص من عناء الكدح والكد ، لينسى حقيقة حاله وينخدع بما يعطيه خالقه من أطراف القوة والقدرة والوجدان والمتاع ، فيتصرف تصرف الذي لا يحسب أنه مأخوذ بعمله ، ولا يتوقع أن يقدر عليه قادر فيحاسبه . . فيطغى ويبطش ويسلب وينهب ، ويجمع ويكثر ، ويفسق ويفجر ، دون أن يخشى ودون أن يتحرج . . وهذه هي صفة الإنسان الذي يعرى قلبه من الإيمان . ...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ويحتمل أنّ المقصود هم الأثرياء الذين يتصورون أنّ لا أحد بإمكانه سلب ثروتهم منهم . . . وقيل أنّ المراد من الآية الأشخاص الذين يتصورون بأنّه لا أحد يحاسبهم على أعمالهم . ولكن مفهوم الآية عام بإمكانه أن يستوعب جميع هذه التّفاسير . ...