تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٞ} (5)

الآيات 5 و6 و7 : وقوله تعالى : { أيحسب أن لن يقدر عليه أحد } { يقول أهلكت مالا لبدا } { أيحسب أن لم يره أحد } فالآيات{[23643]} تحتمل وجهين :

أحدهما : أن يكون حسب أن الله تعالى لا يقدر على بعثه ، فيكون قوله : { أحد } هو الله تعالى { يقول أهلكت مالا لبدا } أي جما { أيحسب أن لم يره أحد } [ { يقول } ]{[23644]} أنفقت منه مقدار ما يخرج عن الإحصاء ، وقوله : { أن لم يره أحد } أي لم يعلم أحد مبلغ ما أنفق من ذلك .

[ الثاني ]{[23645]} : أن يكون قوله : { أيحسب أن لم يره أحد } أي ألم يعلم أتباعه الذين أنفق عليهم مقدار ما أنفق عليهم ، فيكونه في قوله تعالى : { أهلكت مالا لبدا } إظهار منه السخاوة ، وجوده على الافتخار منه بذلك [ وامتنان منه ]{[23646]} على أتباعه .

فإن كان على هذا فهو [ في ]{[23647]} أمر الدنيا ، وقد علم الله القدر الذي أنفق عليهم ، وعلم الخلق سخاوته ، لا بقوله . فليس اشتغاله في إظهار الجود والامتنان إلا نوع من السفه ، وكان الذي يحق عليه الاشتغال بالشكر لله تعالى وتوجيه الحمد إليه لما علم أن الذي أنعم به من المال الكثير من الله تعالى ، وأن تلك المنقبة ، وهي السخاوة ، نالها بالله تعالى . وهذا كقوله تعالى : { فاذكروا الله كذكركم آبائكم } [ البقرة : 200 ] لم تنالوا ما تذكرون من الشرف والمناقب الحميدة إلا بالله تعالى ، فاذكروه كذكركم آباءكم .

وهذا النوع من الافتخار راجع إلى الخصائص من القوة لا إلى الجملة ؛ إذ كل أحد يقول مثل ذلك : إنه أهلك مالا لبدا ، وفعل كذا .


[23643]:في الأصل وم: فالآية.
[23644]:ساقطة من الأصل وم.
[23645]:في الأصل وم: أو.
[23646]:ساقطة من الأصل وم.
[23647]:من م، ساقطة من الأصل .