نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّن يَقۡدِرَ عَلَيۡهِ أَحَدٞ} (5)

ولأجل ما علم من كون الإنسان لا يزال في نكد وشدة ونصب من حث احتياجه أولاً إلى مطلق الحركة والسكون ، وثانياً إلى المأكل والمشرب ، وثالثاً إلى ما يترتب عليهما إلى غير ذلك مما يعيي عده ويجهل حده ، توجه الإنكار في قوله تعالى بياناً للأسباب الموقعة له في النكد ، وهي شهوتان : نفسية وحسية ، والنفسية منحصرة في أربع : الأولى أنه يشتهي أن يكون كل من في الوجود في قبضته فأشار إليها { أيحسب } أي هذا الإنسان لضعف عقله مع ما هو فيه من أنواع الشدائد { أن لن يقدر } ولما أكد بالفعلية وخصوص هذا النافي قدم الجار تأكيداً بما يفيد من الاهتمام بالإنسان فقال : { عليه } أي خاصة { أحد * } أي من أهل الأرض أو السماء فيغلبه حتى أنه يعاند خالقه مع ما ينظر من اقتداره على أمثاله بنفسه وبمن شاء من جنوده فيعادي رسله عليهم الصلاة والسلام ويجحد آياته .