{ تسقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } أى : هذه الوجوه يسقى أصحابها من عين قد بلغت النهاية فى الحرارة والغليان ، إذ الشئ الآنى ، هو الذى بلغ النهاية فى الحرارة ، يقال : أَنَى الماء يَأْنَى - كرمى يرمى - ، إذا بلغ الغاية فى الغليان ، ومنه قوله - تعالى - { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } قال الإِمام ابن جرير : قوله : { تسقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } أى : تسقى أصحاب هذه الوجوه من شراب عين قد أَنَى حرها ، فبلغ غايته فى شدة الحر ، وبنحو الذى قلنا فى ذلك قال أهل التأويل . . فعن ابن عباس : هى التى قد طال أنيْهُا - أى : حرها - .
وقال بعضهم : عنى بقوله : { مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } أى : من عين حاضرة - أى : حاضرة لعذابهم .
{ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } أي : قد انتهى حَرّها وغليانها . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، والسّدي .
وقوله : { لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : شجر من نار .
وقال سعيد بن جبير : هو الزقوم . وعنه : أنها الحجارة .
وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو الجوزاء ، وقتادة : هو الشِّبرِقُ . قال قتادة : قريش تسميه في الربيع الشِّبرِقُ ، وفي الصيف الضريع . قال عكرمة : وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض .
وقال البخاري : قال مجاهد : الضريعُ نبتٌ يقال له : الشِّبرِقُ ، يسميه أهل الحجاز : الضريعَ إذا يبس ، وهو سم{[29997]} .
وقال مَعْمَر ، عن قتادة : { إِلا مِنْ ضَرِيعٍ } هو الشِّبرِقُ ، إذا يبس سُمّي الضريع .
وقوله : تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ يقول : تُسْقَى أصحاب هذه الوجوه من شَراب عين قدأَنَى حرّها ، فبلغ غايته في شدّة الحرّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ قال : هي التي قد أطال أَنْيَها .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ قال : أنىَ طبخها منذ يوم خلق الله الدنيا .
حدثني به يعقوب مرّة أخرى ، فقال : منذ يوم خلق الله السموات والأرض .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ قال : قد بلغت إناها ، وحان شربها .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ يقول : قد أَنَى طبخها منذ خلق الله السموات والأرض .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ قال : من عين أَنَى حرّها : يقول : قد بلغ حرّها .
وقال بعضهم : عُنِي بقوله : مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ من عين حاضرة . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ قال : آنية : حاضرة .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله : "تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ" يقول : تُسْقَى أصحاب هذه الوجوه من شَراب عين قد أَنَى حرّها ، فبلغ غايته في شدّة الحرّ . ...
وقال بعضهم : عُنِي بقوله : "مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ" من عين حاضرة . ...
الآني الذي قد انتهى حره من الإيناء بمعنى التأخير . وفي الحديث : ( أن رجلا أخر حضور الجمعة ثم تخطى رقاب الناس ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " آنيت وآذيت " ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان من في الحر أحوج شيء إلى ما يبرد باطنه ، قال بانياً عند الكل للمفعول جرياً على قراءة أبي عمرو في الذي قبله : { تسقى } أي يسقى كل من أذن له الملك في ذلك على أهون وجه وأيسره { من عين آنية } أي بلغت غايتها في الحر فنضجت غاية النضج فصارت إذا قربوها منهم سقط لحم وجوههم ، وإذا شربوا قطعت أمعاءهم ....
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.