معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ وَلَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (174)

قوله تعالى : { وكذلك نفصل الآيات } أي : نبين الآيات ليتدبرها العباد .

قوله تعالى : { ولعلهم يرجعون } من الكفر إلى التوحيد .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ وَلَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (174)

ثم قال - تعالى - { وكذلك نُفَصِّلُ الآيات وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أى : ومثل هذا التفصيل البليغ نفصل لبنى آدم الآيات والدلائل ليستعملوا عقولهم ، ولعلهم يرجعون إلى فطرتهم وما استكن فيها من ميثاق ، وإلى خلقتهم وما كمن فيها من ناموس .

فالرجوع إلى الفطرة القويمة كفيل بغرس عقيدة التوحيد في القلوب ، وردها إلى بارئها الواحد القهار الذي فطرها على الحق ، وصرفها عن الجهل والتقليد .

هذا ، وقد أخذ العلماء من هذه الآيات أمورا من أهمها :

1 - فساد التقليد في الدين ، وأنه - تعالى - قد أزاح العذر ، وأزال العلل بحيث أصبح لا يعذر أحد بكفره أو شركه .

2 - أن معرفته - تعالى - فطرية ضرورية . قال - تعالى - { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله } وروى الترمذى عن عمران بن الحصين قال : " قال النبى صلى الله عليه وسلم لأبى : يا حصين كم إلها تعبد اليوم . قال أبى : سبعة ؛ ستة في الرض وواحدا في السماء قال : فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك . قال : الذي في السماء " .

فالله - تعالى - فطر الخلق كلهم على معرفة فطرة التوحيد ، حتى من خلق مجنونا لا يفهم شيئا ما يحلف إلا به ، ولا يلهج لسانه بأكثر من اسمه المقدس .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ وَلَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (174)

172

ولكن الله - سبحانه - رحمة منه بعباده ، لما يعلمه من أن في استعدادهم أن يضلوا إذا أضلوا ، وأن فطرتهم هذه تتعرض لعوامل الإنحراف - كما قال رسول الله [ ص ] بفعل شياطين الجن والإنس ؛ الذين يعتمدون على ما في التكوين البشري من نقط الضعف ! . .

رحمة من الله بعباده قدر ألا يحاسبهم على عهد الفطرة هذا ؛ كما أنه لا يحاسبهم على ما أعطاهم من عقل يميزون به ؛ حتى يرسل إليهم الرسل ، ويفصل لهم الآيات ، لاستنقاذ فطرتهم من الركام والتعطل والانحراف ، واستنقاذ عقلهم من ضغط الهوى والضعف والشهوات . ولو كان الله يعلم أن الفطر والعقول تكفي وحدها للهدى دون رسل ولا رسالات ؛ ودون تذكير وتفصيل للآيات لأخذ الله عباده بها . ولكنه رحمهم بعلمه فجعل الحجة عليهم هي الرسالة :

( وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون ) . .

يرجعون إلى فطرتهم وعهدها مع الله ؛ وإلى ما أودعه الله كينونتهم من قوى البصيرة والإدراك . فالرجعة إلى هذه المكنونات كفيلة بانتفاض حقيقة التوحيد في القلوب ؛ وردها إلى بارئها الوحيد ، الذي فطرها على عقيدة التوحيد . ثم رحمها فأرسل إليها الرسل بالآيات للتذكير والتحذير .