معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَصَابَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْۚ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ هَـٰٓؤُلَآءِ سَيُصِيبُهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (51)

قوله تعالى : { فأصابهم سيئات ما كسبوا } أي : جزاؤها يعني العذاب ، ثم أوعد كفار مكة فقال : { والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين } بفائتين لأن مرجعهم إلى الله عز وجل .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَصَابَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْۚ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ هَـٰٓؤُلَآءِ سَيُصِيبُهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (51)

{ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ . . . } أى : فأصاب هؤلاء السابقين ، العقاب الذى يستحقونه بسبب سيئاتهم التى اكتسبوها واقترفوها فى دنياهم .

فالكلام على حذف مضاف . أى : فأصابهم جزاء سيئات كسبهم بأن أنزل الله - تعالى - بهم العقوبة التى يستحقونها بسبب إصرارهم على الكفر والمعاصى .

{ والذين ظَلَمُواْ مِنْ هؤلاء } أى : من هؤلاء المشركين المعاصرين لك - أيها الرسول الكريم - .

{ سَيُصِيبُهُمْ } - أيضا - سيئات ما كسبوا ، كما أصاب الذين من قبلهم .

{ وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ } أى : وما هم بفائتين أو هاربين من عذابنا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَصَابَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْۚ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ هَـٰٓؤُلَآءِ سَيُصِيبُهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (51)

وقوله : فأَصَابَهُمْ سَيّئاتُ ما كَسَبُوا يقول : فأصاب الذين قالوا هذه المقالة من الأمم الخالية ، وبال سيئات ما كسبوا من الأعمال ، فعوجلوا بالخزي في دار الدنيا ، وذلك كقارون الذي قال حين وعظ إنّمَا أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي فَخَسَفَ اللّهُ بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُون اللّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرينَ يقول الله جل ثناؤه : وَالّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَولاَءِ يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : والذين كفروا بالله يا محمد من قومك ، وظلموا أنفسهم وقالوا هذه المقالة سيُصِيبُهُمْ أيضا وبال سيّئَاتُ مَا كَسَبُوا كما أصاب الذين من قبلهم بقيلهموها وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ يقول : وما يفوتون ربهم ولا يسبقونه هربا في الأرض من عذابه إذا نزل بهم ، ولكنه يصيبهم سُنّةَ اللّهِ فِي الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِد لِسُنةِ اللّهِ تَبْدِيلاً ففعل ذلك بهم ، فأحلّ بهم خزيه في عاجل الدنيا فقتلهم بالسيف يوم بدر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قَدْ قَالَها الّذِينَ مِنَ قَبْلِهِمْ الأمم الماضية وَالّذِينَ ظَلَمُوا من هؤلاء ، قال : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَصَابَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْۚ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ هَـٰٓؤُلَآءِ سَيُصِيبُهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (51)

فاء { فأصابهم سيئات ما كسبوا } مفرِّعة على جملة { ما أغنى عنهم } ، أي تسبب على انتفاء إِغناء الكسب عنهم حلولُ العقاب بهم . وكان مقتضى الظاهر في ترتيب الجمل أن تكون جملة { فأصابهم سيئات ما كسبوا } مقدّمة على جملة { فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } ، لأن الإِغناء إنما يترقب عند حلول الضير بهم فإذا تقرر عدم الإِغناء يذكر بعده حلول المصيبة ، فعُكس الترتيب على خلاف مقتضى الظاهر لقصد التعجيل بإبطال مقالة قائلهم { إنما أوتيتُه على علم } [ الزمر : 49 ] ، أي لو كان لعلمهم أثر في جلب النعمة لهم لكان له أثر في دفع الضر عنهم .

والإِشارة { بهؤلاء } إلى المشركين من أهل مكة وقد بيّنا غير مرة أننا اهتدينا إلى كشف عادة من عادات القرآن إذا ذكرت فيه هذه الإِشارة أن يَكون المراد بها المشركون من قريش . وإصابة السيئات مراد بها في الموضعين إصابة جزاء السيئات وهو عقاب الدنيا وعقاب الآخرة لأن جزاء السيئة سيئة مثلها .

والمعجِز : الغالب ، وتقدم عند قوله تعالى : { إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين } في سورة [ الأنعام : 134 ] ، أي ما هم بمعجزينا ، فحذف مفعول اسم الفاعل لدلالة القرينة عليه .