جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{فَأَصَابَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْۚ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ هَـٰٓؤُلَآءِ سَيُصِيبُهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُم بِمُعۡجِزِينَ} (51)

وقوله : فأَصَابَهُمْ سَيّئاتُ ما كَسَبُوا يقول : فأصاب الذين قالوا هذه المقالة من الأمم الخالية ، وبال سيئات ما كسبوا من الأعمال ، فعوجلوا بالخزي في دار الدنيا ، وذلك كقارون الذي قال حين وعظ إنّمَا أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي فَخَسَفَ اللّهُ بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُون اللّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرينَ يقول الله جل ثناؤه : وَالّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَولاَءِ يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : والذين كفروا بالله يا محمد من قومك ، وظلموا أنفسهم وقالوا هذه المقالة سيُصِيبُهُمْ أيضا وبال سيّئَاتُ مَا كَسَبُوا كما أصاب الذين من قبلهم بقيلهموها وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ يقول : وما يفوتون ربهم ولا يسبقونه هربا في الأرض من عذابه إذا نزل بهم ، ولكنه يصيبهم سُنّةَ اللّهِ فِي الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِد لِسُنةِ اللّهِ تَبْدِيلاً ففعل ذلك بهم ، فأحلّ بهم خزيه في عاجل الدنيا فقتلهم بالسيف يوم بدر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قَدْ قَالَها الّذِينَ مِنَ قَبْلِهِمْ الأمم الماضية وَالّذِينَ ظَلَمُوا من هؤلاء ، قال : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .